يضلهم ضلالا بعيدا) (النساء/ 60). والطاغوت كل متعد وكل معبود من دون الله([14]). ومن ذلك قوله تعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) (الكهف/ 28). ويقول تعالى (فاصبر لحكم ربّك، ولا تطع منهم آثما أو كفورا) (الإنسان/ 24). والآيات والروايات بهذا المعنى كثيرة، نقتصر منها على ما ذكرنا. وبهذا يتضح أن ـ الدخول في طاعة الظالمين من غير ضرورة ولا ضرر ـ حرام بضرورة الكتاب والسنة.. وإذا كان الأمر كذلك، وعرفنا أن الشارع يرفض للناس الحياة من دون نظام وسيادة وقانون. فلا يبقى أمامنا إلا افتراض أن الشارع قد نصب للمسلمين إماماً وأمرهم بإقامة الدولة، وتمكين أولياء الأمور من الحكم والولاية. شرط الفقاهة وإذا ثبت النصب، فلابد أن يكون النصب عاما، لعدم ثبوت النصب الشخصي والنصب الشخصي لا يثبت إلا بالتنصيص والتصريح، وهو منتف قطعاً في عصر الغيبة الكبرى. ولابد أن يكون النصب العام خاصاً بالفقهاء، لأن أحدا من الفقهاء لم يقل بولاية غير الفقيه. والأمر يدور بين انتفاء النصب رأساً، وبين نصب الفقهاء خاصة، لعدم وجود رأي ثالث وهو (نصب غير الفقهاء). وإذا عرفنا بطلان الأول يثبت لنا الفرض الثاني بالضرورة لانحصار الأمر فيهما. فلا نعهد من أحد من الفقهاء القول بنصب غير الفقهاء لهذا الأمر. وبهذا يتم الاستدلال على شرط الفقاهة في ولي الأمر.