صاحبه، لاسيما إذا كانوا ينتمون لمدرسة واحدة، مدرسة التجديد والاجتهاد والرأي والفكر الحر، الذين يستنبطون أصول اجتهادهم من كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وآراء ذوي الفكر الإسلامي الناضج، الذين ينظرون إلى مشاكل المجتمع الإسلامي المعاصر التي لم يعرفها مجتمع الصحابة، ولا مجتمع التابعين، ولا مجتمع أئمة المذاهب الفقهية الذين نتّبعهم ونقتدي بهديهم ونعمل بآرائهم، ويبحثون في حل هذه المشاكل في نطاق إيمانهم أن شريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، وأنها الشريعة التي اختارها الله وارتضاها لتكون خاتمة الشرائع السماوية، فهي بالضرورة فيها حل لكل مشاكل المجتمع الإسلامي التي تطرأ على ساحته إلى أن تقوم الساعة، فشريعة الإسلام خالدة ثابتة عامة، لا تضيق بالحضارة، ولا تنفر من العلم النافع، ولا تصطدم بالتطور المحمود البناء، فهي أصيلة من وحي الخالق جل وعلا وليست مأخوذة أو مقتبسة من الشرائع الوضعية التي تتأثر بالمكان وتتغير بالزمان. من هذا المفهوم الشامل عدّ فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر. عدّ فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر من أعلام الاجتهاد في العصر الحديث، وتحدث عنه في كتابه: «الاجتهاد في الأحكام الشرعية» وذكر كثيرا من مناقبه، ومؤلفاته العلمية، وأشار إلى بعض الفتاوى التي أصدرها في حل المشكلات المعاصرة من وجهة نظر الإسلام مثل: فتواه بحل عائد إيداع الأموال في صناديق التوفير، وفتواه بحل تنظيم النسل. رحم الله العالمين الجليلين اللذين نحتفل بذكراهما اليوم في هذا المؤتمر الدولي، ورحم الله علماءنا الأفاضل، أئمة الإصلاح، وقادة التجديد، الذين قدموا لنا العلم النافع، ووجهونا إلى حرية الانطلاق في البحث والتحصيل، والاستدلال والتعليل، والرأي والفكر، واحترام الرأي الآخر المخالف، والالتزام معه بأدب المناقشة والحوار الإسلامي، الذي نستمده من القرآن الكريم وأحاديث الرسول (عليه الصلاة والسلام).