تزامنت حياة الأمة الإسلامية بعلماء وعباقرة كانوا كالنجوم اللامعة في سماء العلم والعمل، وقد استضاءت بهم الأمة الإسلامية في مسيرها التكاملي، فانتعشت بهم حياة العلم والدين فصاروا بحق مصاديق للحديث المأثور عن سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: (يحمل هذا الدين في كل قرن، عدول ينفون عنه تأويل المبطلين، وتحريف الغالين، وانتحال الجاهلين، كما ينفي الكيرُ خبث الحديد).([1]) ومع الاعتراف بفضل الجميع إلا أن مواقفهم كانت مختلفة. فمنهم من سار على المنهج السائد في حياته في مجال العلم، فخدم الإسلام برأيه وفكره، وقلمه وبنانه. ومنهم من أحاط إحاطة تامة بالمنهج السائد ولم يكتف بذلك، بل طفق يبتكر أسساً تلبي حاجات العصر، وهم في كل عصر ومصر نزر قليل. ولو أردنا استعراض أسماء بعضهم نذكر على سبيل المثال: شيخنا المفيد في إبداعاته الكلامية ومناظراته العلمية، والسيد المرتضى ـ مضافاً إلى أدبه الجم ـ في انتاجاته الأصولية، وتمليذهما شيخ الطائفة الطوسي في الحديث والفقه المقارن والتفسير، إلى غير هؤلاء من العباقرة الذين خاضوا عباب بحار العلوم فأثاروا أمواجاً هائلة، وحالوا دون خمول العلم وركوده، فخرجوا بدرر وجواهر ثمينة أهدوها بكل تواضع إلى الأمة الإسلامية. وهكذا كانت سيرة فقيدنا الراحل السيد البروجردي (1292 ـ 1380 هـ ق) في حياته التي ناهزت قرابة تسعين عاماً، فلو غضضنا النظر عن مقتبل عمره وأيام دراسته على مشايخه وأساتذته حتى استقلاله بالتدريس، نرى أنّ حياته العلمية حفلت بابتكارات قيمة، سواء قبل تسنّمه المرجعية والزعامة الدينية أو بعدها، وها نحن نذكر الخطوط العريضة لتراثه الفكري.