وتوخي الحلول المناسبة التي تستلهم الشرع وأحكامه، وذلك لن يتأتى إلا بدراسة العلوم الحديثة، والنتائج المترتبة عليها. وقل مثل ذلك في الاقتصاد الإسلامي وغيره من المجالات. كما تشكل القضايا الفلسفية ميدانا خصباً للتعاون والتبادل بين الطرفين أيضاً. فالدرس الفلسفي التقليدي مازال أسيرا لمقولات الإشرافيين والمشائين، في حين قطعت الفلسفة أشواطاً كبيرة في ميدان نظرية المعرفة (الإبستومولوجيا)، مستفيدة من التقدم الكبير الذي حققته العلوم التجريبية والرياضية، وقل مثل ذلك بالنسبة للميتافيزيقا، وفلسفة التاريخ والحضارة، والمشكلات المثارة في فلسفة القيم، والأخلاق، وفلسفة اللغة، والبنيوية وغيرها مما يجدر الاطلاع عليه والإفادة منه أو نقده، إذا اقتضت الضرورة. ورغم الجهود الجبارة التي بذلها فلاسفة كبار منذ جمال الدين الحسيني الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد إقبال، وحتى العلامة الطباطبائي، والشهيد الصدر، والشهيد مطهري، لإعادة الحياة للدرس الفلسفي الإسلامي وتجديده، فإنه مازال يحتاج إلى كثير من العمل، وتجاوز المقولات والمشكلات الفلسفية التي لم يعد لها قيمة نظرية. وفي الختام لابد من التنويه أن الدراسات الجامعية الحديثة يجب أن تتوجه إلى مخزون الأُمة التراثي، وتهتدي بجوانبه المعرفية المضيئة في جميع المجالات، حتى العلمية المتخصصة منها، حتى لا تحصل تلك القطيعة المعرفية التي روج لها العلمانيون والمستغربون منذ قرن أو يزيد من الزمان، والقائمة على أساس أن العصرنة تقتضي قطع كل صلاتنا بالماضي الذي يعني عقيدة الأُمة وهويتها الحضارية، وهي فكرة أًثبتت التجارب خطأها.