على مناهج الفكر الحديث، وبعض الدراسات البشرية، وحقول من المعرفة التجريبية. ولهذا أضاف إلى منهاج كلية الفقه علوما حديثة أو علوما لم تكن تدرس أصلا في الحوزة، كعلم التربية، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، والتاريخ الإسلامي، والتاريخ الحديث، والقانون، والفلسفة الحديثة والمعاصرة، وطرق التدريس ، واللغة الأجنبية. وقد استعان بنخبة من أكفأ الأساتذة في الجامعات العراقية للتدريس في كلية الفقه، كما استضاف عدداً من الأساتذة الزائرين من الجامعات المصرية لإلقاء المحاضرات، ليحقق ارتباط المؤسسة بالجامعات العربية ولاشك أن تطوير المناهج وإضافة المواد الجديدة اقتضى تطوير أساليب الكتابة التي كان يطغى عليها الغموض والتعقيد، فألف المظفر كتباً في المنطق وأصول الفقه، بسط فيهما هذين العلمين، وعرضهما بلغة واضحة، وقد حل منطقه محل المتون القديمة التي كانت تدرس في الحوزات العلمية مثل (الشمسية) و(حاشية الملا عبد الله) . وقد سار رفاق الشيخ المظفر وتلامذته على دربه، فأًلـّفوا كتباً حديثة تعالج مختلف موضوعات العلوم الإسلامية ، وأصبحت هي المعتمدة للتدريس في كلية الفقه وغيرها. ونستطيع القول أن تجربة الشيخ المظفر تعد أولى التجارب الناجحة لتطوير التعليم الديني نبعت من داخل المؤسسة الدينية ولم تفرض من الخارج، الأمر الذي جعلها تترك أثرا فعالاً استمر حتى يومنا هذا، حيث انتشر خريجوها في أكثر من قطر عربي أو مسلم. ويمكن أن تعد هذه التجربة، رغم الصعاب التي واجهتها، نموذجا لما نطمح إليه من تعميق أواصر الترابط والتعاون بين المؤسسات التعليمية التقليدية وبين الجامعات الحديثة، يثبت أن لا غنى لأحدهما عن الآخر، ويبدد المخاوف والهواجس القائمة بين الطرفين.