- الأُمة الشبح يمكن أن تواجه ثلاثة إجراءات كما علّمنا التاريخ: الأول: أن تتداعى أمام غزو خارجي: وهذا ما حدث بالفعل للمسلمين بعد أن فقدوا مثلهم الأعلى. الثاني: الذوبان والانصهار في مثل أعلى مستورد. الثالث: أن ينشأ في أعماق الأُمة بذور إعادة المثل الأعلى الحق من جديد بمستوى العصر الذي تعيشه تلك الأُمة([104]). مما تقدم يتخلص الرأي القرآني في مسيرة البشرية كما يراه السيد الصدر في أن حركة التاريخ يصنعها المحتوى الداخلي للإنسان. والمثل الأعلى هو نقطة البدء في بناء المحتوى الداخلي للجماعة البشرية. وهذا المثل الأعلى يتجسد من خلال رؤية فكرية وطاقة روحية تدفع الإنسان في طريقة . وكل جماعة اختارت مثلها الأعلى فقد اختارت في الحقيقة سبيلها وطريقها ومنعطفات هذا الطريق. وتتمايز الحركات التاريخية عن بعضها بمثلها العليا، فلكل حركة تاريخية مثلها الأعلى، وهذا المثل الأعلى هو الذي يحدد الغايات والأهداف، وهذه الأهداف والغايات هي التي تحدد النشاطات والتحركات ضمن مسار ذلك المثل الأعلى. وهذا الاتجاه من الفهم لحركة التاريخ يرفض اتجاه الفكر اللاهوتي الذي تبناه أو غسطين وأمثاله. لأن الاتجاه اللاهوتي يربط الحوادث بالله قاطعاً صلتها ببقية الحوادث والعلاقات والارتباطات التي تمثل السنن والقوانين الموضوعية. بينما القرآن الكريم يربط السنة التاريخية بالله ويعتبرها تحقيقاً لقدرة الله، فهو ينظر إلى هذه السنن نظرة علمية ونظرة إيمانية([105]).