بالمسؤولية يشكل ضماناً لاستمرار الحركة ومقاومة عوامل الانهيار والتلكؤ والسقوط في أوحال الذاتية. وهذه الانهيارات المعاصرة في معسكرات الشيوعية والأحزاب الشيوعية نموذج بارز للتحلل من كل الأطر التي تفرزها المثل الأخرى على الساحة البشرية. - الفطرة الإنسانية التي أودعت فيها نفخة رب العالمين تبقى محفزاً للإنسان نحو الإبداع والتطوير حتى إذا تخلّى عن رسالة الأنبياء، لكن المثل الأعلى هنا ليس هو المثل الأعلى الحق، بل هو مثل أعلى محدود([100]). ومن الطبيعي أن تتبنى المسيرة البشرية خارج إطار رسالة الأنبياء مثلاً أعلى محدوداً، لأن الإنسان المحدود لا يمكن أن يستوعب المطلق بل يستوعب نفحة من المطلق، وقبضة من المطلق. وهذا المثل الأعلى المحدود سوف يحرك الجماعة البشرية بقدر ما فيه من طاقات مستقبلية، ولكنه سوف يستنفد أغراضه ويتحول إلى عائق وقيد للمسيرة. وهنا يكمن الخطر في المثل الأعلى المحدود، حين يحوله الإنسان إلى مطلق يجري وراءه، وإذا به يتحول إلى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء([101]). المثل الأعلى المحدود يمثل قيمة من القيم التي يجب أن يناضل الإنسان من أجلها، ولكن الإنسان يحولها إلى هدف تتكرس فيه كل قيم الإنسان التي يجاهد من أجلها. وتحويلها إلى هدف نهائي ناشئ عن نوعين من التعميم: أفقي خاطئ، وزمني عمودي خاطئ. فالأفقي الخاطئ نظير قيم الحرية وقيم العدالة التي تبنتها معسكرات أوربا، وهي قيم صحيحة ولكنها لا تستطيع أن تقود المسيرة البشرية إلا لمرحلة محدودة، ثم تتحول إلى عائق على طريق المسيرة، وتؤدي إلى