الصحوة الإسلامية آفاقها المستقبلية وترشيدها محمد العاصي([1]) هذا المؤتمر مخصص لموضوع الوحدة الإسلامية. فمن عام إلى عام يجتمع في إيران الاسلامية نخبة من العلماء الكرام والناشطين المؤمنين من شتى أنحاء العالم ليفضي بعضهم إلى بعض خالص القول وسديد النصيحة حول التقارب بين المسلمين بمذاهبهم ذات الأصل الواحد وبآرائهم ذات المصدر الواحد وباجتهاداتهم ذات المرجع الواحد. فمما لاشكّ فيه أن المسلمين البالغ عددهم مايربو على المليار والنصف مليار مسلم تتوزعهم دول قومية ومؤسسات أجنبية ومصالح آنية متنافرة وبعضها متناقضة وزد على ذلك أن هؤلاء المسلمين بأعدادهم المتكاثرة لم يبذلوا جهدا مشكورا ولا اجتماعا ميمونا في لم الشعث ورأب الصدع ورص الصف. ولهذه الأسباب العامة وغيرها أضحى الواقع في دنيا المسلمين واقعا تنهش فيه أنياب التفرقة ومخالب التجزئة. ولا يخفى على المراقب البصير لأحوال المسلمين أن الإرادة والمشيئة التي ضمنها الوحي الإلهي والدستور التشريعي مفقودة واقعاً وتنفيذا وإن كانت محفوظة تنظيراً وتأويلا! الكلمات القرآنية التي افسحت لنا مجال هذه المشيئة هي »وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..« (الكهف ) هذه الآية في واقع معناها تفتح الباب واسعا لمن اراد أن يلزم نفسه بأمانة إلهية ولمن أراد أن يحلّ نفسه منها! المشكلة المستشكلة في عوام المسلمين وخواصهم هي أنهم يحال بينهم وبين التعبير عن إيمانهم والالتزام بإيمانهم والتبشير بإيمانهم والأحضّ من ذلك أن إيمانهم لا يجوز له أن يتبعه عمل صالح. والإيمان من غير عمل صالح هو كسحاب من غير مطر أو كشجر من غير ثمر! إن القوانين الصارمة والمؤسسات السياسية والعسكرية القاهرة التي فرضت نفسها على حياة الناس من المحيط الهادىء الى المحيط الأطلسي جعلت كثيرا من الناس يلجؤون إلى الحلقات السرية وإلى التنظيمات الخفية وإلى المواجهات العنيفة لكي يقولوا (ربنا الله)! إن مايسمّى (التطرف) ليس وليد أحوال عادية ولا ظروف طبيعية ولا مجتمعات فطرية!! إن مايسمى (التطرف) – والذي إذا استم رت وقويت شوكته فإنه سيأتي على الأخضر واليابس – إن هذا (التطرف) هو ارتداد أو ارتجاع طبيعي ناشئ عن القمع والبطش والظلم الذي يشكّل بحدّ ذاته تطرفا آخر لا تجيزه قوانين دولية ولا تشريعات سماوية! لم يكفنا أن حكومات لابيعة لها فرّقت المسلمين الى مايربو على خمسين دولة قومية علمانية منكرة للحكم الإلهي والاجتهاد الإنساني ضمن المرجعية الإسلامية ولكن هذه الدولة والحكومات المفروضة بحدّ السيف وبغيات البيعة هي ذاتها المسؤولة عن تفريق المسلمين (مواطنيها وتابعيها) إلى جماعات سرية وأحزاب تقيه تحاول جهدها أن تقوم لله... يخطئ من يظن أن (التطرف) ظاهرة شباب طائش أو جهلة غفلة! وقد يكون بعضهم كذلك. ولكن الرؤية بآفاقها الواسعة تكشف لنا أن التطرف مؤسسة حكومات وأنظمة تخنق الأجواء الاجتماعية والأقاليم الجغرافية والاتساعات الفكرية بقوانين استثنائية وحالات طوارئ لها أول وليس لها آخر ولها مبتدأ وليس لها خبر!! في هذه الأجواء الكالحة والمدلهمّة يجدر بأصحاب القرار والقوة المادية أن يفوتوا على الشيطان مأربه وعلى أقرانه مفاسدهم وذلك بعودة الحكام والمحكومين إلى ربهم ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه وليحكم بينهم بالعدل. إن الملوك وأعوانهم والرؤساء وأعيانهم ليسوا فوق كتاب الله وسنة ورسوله. وإن عباد الله وخلائقه ليسوا أسفل من كتاب الله وسنة رسوله. فِلمَ إذن هذا الشرخ الخطير بين الحاكمين بأمرهم والخاضعين له؟ إن هذا الفصام المنكر هو الداء العضال الذي استشرى في المجتمعات الإنسانية و(الاسلامية) حتى وصل بنا الحد أن نىء أبناء جلدتنا و(ديننا) ينحازون إلى فريق من (الذين أوتوا الكتاب) ويبررون سياساتهم الداخلية والخارجية على قاعدة أن المعارضين لهم (متطرفون) أو (ارهابيون) أو (متعصبون) تجوز محاربتهم والقضاء عليهم.. وإذا استمر الحال هكذا سيصبح المسلمون كلهم في حرب داخلية أو حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.. تطرف الحكومات ولّد تطرف التحزبات لا ينجر فنّ أحد في الموجة الإعلامية العارمة التي تريد منا أن نؤمن بأن الجماعات الإسلامية والجهادية هي الآن وحدها في الدنيا أساس العلة وسبب القلة وانحراف الملة! إننا نقول على رأس الأشهاد بأنه لو سمح للفكر الإسلامي أن يعبر عن نفسه وينطق بمضمور أفكاره ويفصح عن مكنون أسراره لو سمح بما اعتاد الناس على وصفهم بالإسلاميين لو سمح لهم أن يناقشوا أقرانهم واعداءهم سواء: الرأي بالرأي والحجة بالحجة لتشكل التاريخ وتطور غير الذي نراه الآن. إن الدكتاتورية والاستبداد تطرف أي تطرف . وحصيلة هذا التطرف الرسمي هو تطرف شعبي والفارق بينهما أن الأول ينزع إلى سياسات قد تصل إلى الإبادة والثاني يلجأ الى ردات فعل هي أقرب إلى اثبات الإرادة. هذه الفجوة بين منتزعي الأمر (وليسوا أولي أمر) وبين المغلوب على أمرهم عمل فيها التاريخ عمله حتى أضحت الفجوة هوة سحيقة! وهذا الفاصل بين الفئة الباغية وعامة الناس أصبح مرتعاً لكل من أراد بأهل الإيمان سواء. فترى الآن قوى الاستكبار والطغيان تحاول جهدها أن تشق طريقها بين المستبدين (سلاطين السوء) والمستبد بهم (جماهير الناس) . فهاهي أمريكا حكومة وعسكرا بلسان رئيسها الحالي جورج بوش الابن يتكلم عن اعطاء المسلمين حريتهم ومنحهم تقرير مصيرهم والتكرّم عليهم بالخير والازدهار الاقتصادي والسؤدد!! إن الامبريالية التي تتستر بالإنجيل والصهيونية التي تموه نفسها بالتوارة تحاولان الآن أن تمنا على المسلمين أن وهبتهم الحرية والاستقلال والسيادة! (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) (آل عمران/ 100). هذه الأيام والأعوام هي أشد وطأ من سابقاتها. فالظلم الذي عشعش في ديار المسلمين لأجيال وقرون قد ولّد في نفسية وعقلية الناس – أو بعضهم – قابلية الاستجابة للشيطان (الأكبر) إذا دعاهم. (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم). يحسن بنا هنا أن نواكب التنزيل المفصل فهو سبحانه يقول (... إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين... (3/100). والطاعة يطلبها أصحاب القوة والنفوذ والجبروت. فالفئة أو بتعبير التنزيل العزيز (الفريق) الذي قد يستهويه الذين آمنوا هم شريحة من المنتسبين للكتاب المقدس حال كونهم أكابر ومستكبرين. سلطات تنفيذية ومؤسسات مالية ربوية وقيادات عسكرية بطاشة – هؤلاء هم الذين يلوحون لنا نحن المسلمين أن نطيعهم بعد أن نحسن الظن بهم أملا في غد أفضل ومستقبل أكرم! الانتهازية لاشك أن بين المسلمين ضعاف النفوس، متهالكي القلوب ومتهافتي العقول. هؤلاء هم الذين يمدون أيديهم لكل من ينتهك حرمات المسلمين ظانين أن طوق النجاة من القوى الغاصبة آتية لامحالة! إن ولاء أمثال هؤلاء هو رهن القوة الغاشمة التي دأبت في القرون الأخيرة على إقامة الحجة على عدوانيتها ودمويتها وكونها لا ترقب في مؤمن إلا ولا ذمة. كيف يصح من بعض المسلمين ثقتهم بأعداء الله واعداء رسوله (ص) واعداء الإنسانية؟ إن القوة المادية تغرب ضعاف الإيمان وتستميلهم إلى صفها. وهذا ما نراه اليوم عندما يلتف أمراء ووزراء مسلمون حول الكتلة الامبريالية والصهيونية التي أصبحت الآن مكشوفة النيات ومفضوحة المخططات. لقد عملت معاول الهدم الاجتماعية عملها لقرون وقرون حتى فصمت الشعوب عن الملوك . وإلا كيف نفسر تصرف هؤلاء الملوك وحاشيتهم وهم يرقصون لنغمة كل غاصب لحقوقنا ومحتل لأرضنا وسارق لثرواتنا؟ طبعا هذه الحالة قد تولد فئة من ضعاف الإيمان تريد أن تلتحق بركب من تظنهم منتصرين. هؤلاء هم أول المصفّقين لكل من يفرض أمره الواقع بغض النظر عن الحلال والحرام أو الكفر والإيمان. ويليهم أولئك الذين يفلسفون استسلامهم. هؤلاء يقولون بملء فيهم: إن الظلم – ظلم ذوي القربى – لم يعد يطاق .. وإذا لم نستطع نحن المسلمين أن نرسي قواعد العدل والإحسان في مجتمعاتنا ونحكم أنفسنا بأنفسنا بالحسنى فلم يعد أمامنا إلا أن نقبل مضطرين القوى الخارجية أو الأجنبية التي – وإن كانت لنا تحفظات عليها – فهي بعد كل هذا تبقى إنسانية وليبرالية وستتصرف بأمورنا وشؤوننا بطريقة وبمنهج هو في النهاية لصالحنا ولا يفوتنا الأمم دول: فيوم لك ويوم عليك.. وبعد ذلك يحدث الله أمرا.. هذا المنطق كله ساذج وجاهل. ساذج لأنه لا يعترف بتصرف القوى المهيمنة والاستكبارية. لينظر حوله في أي أقطار أو دول العالم ليرى أن أمريكا ما دخلت قرية إلا أفسدتها وجعلت أعزة أهلها أذلة وكذلك دأبها. هاهي الشواهد: في أمريكا اللاتينية؛ البرازيل الغارقة إلى قمة رأسها بالديون الربوية المستحقة لأمريكا فقر واستغلال وفاحشة بالرغم من مواردها الطبيعية الثرة وسكانها الكثيف وكاثوليكيتها العارمة . لا شيء من ذلك لم يحل دون مئات المليارات من الدولارات التي تكدست وأصبحت دنيا لأمريكا الرأسمالية الربوية. وتتنافس مع البرازيل في عبوديتها للطغيان الأمريكي كل من الأرجنتين والمكسيك وهي الأخرى تغوص في لجج من الدين لا يعرف لها قرار. هذه شهادات على أمريكا وليست لها. زد على ذلك ما تقوم به السياسات الأمريكية في القارة السمراء... هناك سرقة منظمة وخلف الكواليس بعيدا عن أعين الناس بموجبها تنهب أمريكا المعادن الثمينة والنفط بقليل أو كثير من المنافسة الأوروبية . الحروب الدموية والمعارك القاتلة التي يشتعل أوارها في ساحل العاج وفي ليبريا وفي الكونغو وفي مناطق أخرى ماهي إلا دليل آخر على سياسة التغوّل الاقتصادي الذي يسيّر الساسة في البيت الأبيض وفي البنتاغون وفي وزارة الخارجية وفي غيرها من الإدارات الأمريكية المتعاقبة. وهو منطق جاهل لأنه يتناسى أن (القوى العظمى) في التاريخ تتصرف وكأنها نسخة تتكرر من عصر إلى عصر ومن قارة إلى أخرى. (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين).. (القصص) هناك نمط يكاد يكون ثابتا يتلبس الجبارين في الأرض. وهذا النمط السياسي هو في علوّ الحاكم المطلق في الأرض ثم في سياسة (فرق تسد) ثم في سياسات الدمار الشامل التي قد تنتهي بتناقص اعداد الجبابرة وشعوبها بحيث تبدأ وتختزن سياسة الابادة والدمج: يقتلون ابناء وذكور اعدائهم للقضاء عليهم ويستحيون نساء اعدائهم إما لغنائهم أو لاستحصالهن لأنفسهم!! وفي كلا الحالين فإن شهادة التاريخ وحجة القرآن قائمة لمن لم تزغ قلوبهم. العراق وفلسطين كل هذا يقودنا إلى التأزم والافتراق والمفارقة الحاصلة في حيثيات كل من العراق وفلسطين. كل منا يعرف بداهة أن العراق وفلسطين تتعرضان لغزو احتلال يختلفان في التكتيك ويتفقان في الاستراتيجية . إسرائيل وأمريكا كلاهما مجرمتان فيما يقومان بهما ضد الشعبين المظلومين في الأرض المقدسة وبلاد مابين النهرين. والتخلص من إسرائيل وأمريكا واجب شرعي عدا عن كونه مطلباً قانونياً . ولكن ما تحت سطح الاحتلال الغاشم هو بيت القصيد. ولا يسعنا هنا في هذه العجالة أن نفتح الملف الفلسطيني والملف العراقي بكل مافيها من تفاصيل وتفاصيل التفاصيل في تشعباتها السياسية والتاريخية والعسكرية والعقدية وغير ذلك. فيكفي أن نشير هنا إلى أن فلسطين تم احتلالها وسرقتها بعد أن طويت صفحة الحكم الإسلامي ودخل الاستعمار بجيوشه وطابوره إلى البلاد الاسلامية كلها من مشارق آسيه إلى مغارب إفريقيه. وبانحسار موجة الحكم الإّسلامي بدأت كيانات علمانية وقومية واشتراكية ورأسمالية وقبلية واقطاعية وغيرها تغيّب الإرادة الشعبية الإسلامية عن حيز التنفيذ وبذلك تمّ للشراكة السياسية الغربية المجتمعة حول (أولوية الصهيونية) توطين مئات الآلاف من اليهود الصهاينة في الأرض المقدسة. وبدأ هؤلاء الوافدون الناهبون يعملون ليل نهار على تفريخ الكيان والنظام الصهيوني العنصري وبغياب الارادة السياسية الإسلامية الشعبية وبتغييب ديناميكية البيعة والشورى من حياة المسلمين الاجتماعية والسياسية تم في ليل مظلم سلخ الشعوب المسلمة عن حكوماتها غير المسلمة. فأصبح الآن أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في واد وحفنة من الحكام ومرافقيهم في واد آخر. وبسبب هذه المسافة الشاسعة بين شعوب تريد إسلاما وحكومات تريد كل شيء وأي شيء خلا إسلاما سبب ذلك دخلت (إسرائيل) بعيوبها الخلقية كلها إلى فلسطين والأبواب كلها مشرّعة أمامها من ماليزيه إلى مالي! أرساء دولة خبيثة كهذه بعنجيتها وعنصريتها وعفلقتها لم يكن ليحدث لو تمتعت الشعوب المسلمة باجتهاداتها ومارست توجهاتها وتلاقحت اختياراتها ضمن نفسية التآخي برغم افتراق الاجتهاد والتفاهم برغم اختلاف الرأي والتناصر برغم تفاوت الشورى. أما العراق وما يحدث في العراق فيجب أن يطفو على سطح الوعي الإسلامي العام. العراق يمثل المرة الأولى بعد إنشاء الشبكة العلمانية القومية من قبل الغرب في العالم الإسلامي الذي يتخلص فيه هذه الغرب إياه من أحد عملائه ليس لأن هذا العملي لم يعمل على خدمة المصلحة الغربية ولكن لأنه لم يستطع أن يهزم الإسلام السياسي الى جواره الشرقي (إيران) وداخل كيانه (العراق) . وهذه إن دلّت على شيء فإنها تدلّ على أن السدّ القومي والعلماني الذي وقف بحكوماته وأنظمته أمام إرادة الشعوب الإّسلامية بدأ يتآكل ويتفتت ويتشرذم . ولم تعد الصهيونية والإمبريالية قادرتين على ممارسة دورهما الهدام من وراء جدار. فالآن وبفضل مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من الشهداء الذين قضوا نحبهم ومضوا إلى ربهم انكشفت أو تنكشف الأقنعة عن العملاء والدخلاء والتبعاء. إن المسؤولية العامة على المسلمين اليوم هي أكبر مما كانت عليه من قبل . إن الانهيار العصبي السياسي في الغرب واضح في المحاولات الحثيثة من قبله (لجزأرة) العالم الإسلامي. وهذا يعني أن الاستخبارات الصهيونية والأمريكية والغربية وغيرها من مؤسسات عسكرية وسياسية قد دخلت على (خط العمل الإسلامي) وتحاول جهدها الأخير في اقتراف اعمال ارهابية ثم تلصق هذه الأعمال الارهابية بالمسلمين.تماماً كما فعلت في الجزائر تفعل الآن في كل مكان لتثير النقمة الشعبية والسخط العالمي على المسلمين المجاهدين في الدرجة الأولى وعلى باقي المسلمين بالدرجة الثانية! إن اختزان الوعي السياسي التاريخي هو القيمة الفريدة والمنقذ من ضلال هذا العصر الصهيو – أمريكي . والذين يركنون إلى الذين ظلموا في هذه الحالة يغازلون كفرا. إن الإيمان في مثل هذه الأوضاع وضمن هذه التحديات وداخل هذه التطورات معناه البراءة من أمريكا وإسرائيل بكل عصيهم وجزراتهم. أمريكا في العراق وإسرائيل في فلسطين تقدمان لنا أجلى تفسير للكفر والشرك والظلم. فبأي مفهوم وبأي انتساب لله ولرسوله وللمؤمنين يقوم بعض أبناء جلدتنا والمتمظهرين بالاسلام بركوب الدبابات الأمريكية أو التشاور مع (الخبراء) الصهاينة في المنطقة كلها الآن؟! هذا هو المنكر عينه العداوة نفسها والكيد الذي لاريب فيه: (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم) (آل عمران/ 101). نعلم أن كثيرا من المسلمين يعيشيون حالة (قبلية) ومن أشد هذه الحالات هي (المذهبية القبلية) فالسني والشيعي في بعض الأحيان المتكررة يعبرون عن (سنيتهم) أو عن (شيعيتهم) وكأنهم اعضاء في قبيلة: إحداها قبيلة السنة والأخرى قبيلة الشيعة. ولعمري إن هذا من أفتك ما ابتلي به المسلمون. والتقوقع الفكري (اذا صح التعبير) هو الذي يجعل كثيرا منا نعيش هذه الحالة (العصبية) . أملنا ورجاؤنا أن يبادر المسلمون إلى اخذ الكتاب بقوة. دعاؤنا وتوسلنا أن يغفر لنا الله تقصيرنا ومالا طاقة لنا به.. وثقتنا ويقينا أن الله ناصر من ينصره. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. -------------------------------------------------------------------------------- [1]– مفكر و باحث من اميركا.