السودان، جميعها أحزاب ذات ميول علمانية بدرجات متفاوتة، وهي موجودة ونشيطة في العالم الإسلامي وتقدم خدمات غير قليلة للأمة الإسلامية، ولكن حركة التقريب تعاملها عادة بأسلوب واحد ولم نخط حتى الآن باتجاه فتح حوار حقيقي وبناء معها. ومن الضروري هنا أن نسجل هذا التحفظ الضروري فمن يختار إنكار الخالق، والتشكيك بالنبوات لا يمكن أن يكون مسلماً، سواء كان أصله سنية أو شيعية أو علمانية أو كان من أبناء الانبياء! ولكن هل يسوغ القول بأن العلمانيين اليوم في العالم الإسلامي يحملون هذه الرؤية الكافرة عن ثوابت الشريعة؟ إن كثيراً من التيارات العلمانية في العالم الإسلامي اختارت أن تتجاوز الفقه الإسلامي وتكتب تشريعات وضعية، ليس بسبب سوء رأيها في الرسول والرسالة، وإنّما بسبب عدم المعرفة بغنى الفقه الإسلامي، وقدرته على مسايرة الأحداث وأعتقد لو أننا قمنا بفتح منجم الفقه الإسلامي على مصراعيه، وأضأنا جوانبه المختلفة التي تراكم عليها الجمود، لوجد المخلصون من كافة الاتجاهات حاجتهم وغايتهم داخل الفقه الإسلامي ولم يتورطوا في استدباره والتنكر له. إن الأمة الإسلامية في فترة صعودها الحضاري قامت باحتواء تيارات كثيرة نشأت في الفكر الإسلامي، ولدينا تصانيف هامة في تفسير القرآن كتبها أعلام محترمون كالزمخشري ومجاهد والرازي الجصاص وابن رشد والفخر الرازي وأبو العلاء المعري وابن أبي الحديد مع أنهم لم يكونوا يخفون ميولهم الاعتزالية والقدرية والتأويلية، ولكنهم كانوا يجدون في الوعي الحضاري للأمة ما يوفر لهم منابر الفكر والقلم، ولم يكن العالم الإسلامي يشعر بالغضاضة من رواية علم هؤلاء والانتفاع بهم، ولعل الموقف الوحيد المظلم كان يوم سيطر التعصب على