فعلى ضوء المبدأ يتحدد نوع العلاقات الدولية، وكونها ودية، أو حسنة، أو سيئة في الأصل. أما العلاقات الاخوية فلا تقوم إلاّ بين المؤمنين، وذلك لأنها علاقات سامية، قد تعني وحدة الأفراد في مختلف الشؤون وليس هناك إمكان أن يصلها أناس يختلفون على قضية الايمان. ثالثاً: نفي السبيل على المؤمنين وتعتبر هذه القاعدة من أروع قواعد السياسة الخارجية، وربما كانت في بعض جوانبها تطبيقاً للقاعدة الأولى، كما تعبِّر عن علو الإسلام على غيره من الأنظمة، وكرامة المسلمين التي يجب أن لا تُمسَّ مطلقاً. وبموجب هذه القاعدة فإنّ أي تصرف أو معاهدة أو عقد يؤدّي إلى تفوق الكافرين على المسلمين يعد ملغياً من أساسه ـ وكما يعبر الفقهاء ـ فإن هذه القاعدة شأنها شأن قاعدة(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) وقاعدة(نفي العسر والحرج) تعد من القواعد الثانوية التي تستطيع أن تحكم على الأحكام الاولية بمجموعها، اللهم إلاّ تلك التي تتضمن بنفسها تحمل الضرر في سبيل تحقيق غاية أسمى كالجهاد. وتستند هذه القاعدة إلى أدلة، منها: الآية الشريفة: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً).([185]) ومنها الأحاديث التي تطبقها في بعض الموارد، كالحديث الوارد بما نصه: (الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، والكفار بمنزلة الموتى، لا يحجبون ولا يورثون).([186]) كما تستند إلى اجماع الفقهاء، وربما أمكن أن يقال: إن روح التوجهات الإسلامية، وملاحظة المناسبات بين الحكم والموضوع، تقرر هذه الحقيقة بوضوح، و(لله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون).([187])