نعم لو اشترط الزوجان في سجل العقد أن يكون الطلاق بيد المحكمة بمعنى أنّه إذا أدركت انّ الطلاق لصالح الزوجين فله ان يحكم بالفرقة والانفصال، والمراد من الحكم بالفرقة أمران: أولاً: ان الطلاق لصالح الزوجين. ثانياً: توّلي اجراء صيغة الطلاق. فلو كان قضاء القاضي بالفرقة على درجة واحدة، وليس فوقه احد له حق النظر في قضائه فيقوم بكلا الأمرين: حق الانفصال وتنفيذه باجراء صيغة الطلاق ويكون الحكم بالفرقة مبدأ للاعتداد. ولو كان النظام القضائي يجعل قضاء القاضي خاضعاً للطعن بطريق الاستئناف، أو بطريق النقض أو بكليهما، فلأجل الاجتناب عن بعض المضاعفات التي اشير إليها تقتصر المحكمة الأولى على الأمر الأول – ان الطلاق لصالح الزوجين – ويؤخر الأمر الثاني إلى ابرامه، فعند ذلك تجرى صيغة الطلاق من قبل المحكمة الثانية وتدخل المرأة في العدة ويبدأ حسابها. وبذلك يعلم أنّ ما ضربت من الأمثلة لتأثير الزمان والمكان بعيدة عمّا يروم إليه، سواء كان العامل للتأثير هو فساد الأخلاق وفقدان الورع وضعف الوازع، أو حدوث أوضاع تنظيمية ووسائل زمنية، فليس لنا في هذه الأمثلة أي حافز من العدول عمّا عليه الشرع. وحصيلة الكلام: أنّ الأستاذ قد صرّح بانّ العاملين – الانحلال الاخلاقي والاختلاف في وسائل التنظيم – يجعلان من الأحكام التي أسسها الاجتهاد في ظروف مختلفة خاضعة للتغيير، لأنّها صدرت في ظروف تختلف عن الظروف الجديدة. ولكنّه في اثناء التطبيق تعدّى تارة إلى التصرّف في الأحكام الأساسية المؤبدة التي لا يصحّ للفقيه الاجتهاد فيها، ولا ان يحدث بها أي خدشة، وأخرى ضرب أمثلة لم يكن للزمان أي تأثير في تغيير الحكم المستنبط. هذا بعض الكلام في تأثير عنصري الزمان والمكان في الاستنباط.