أقول: اتّفق الفقهاء على أنّه إذا تلف المبيع الشخصي قبل قبضه بآفة سماوية فهو من مال بائعه، والدليل عليه من طرقنا هو قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): “كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ”.([126]) وروى عقبة بن خالد عن الإمام الصادق(عليه السلام) في رجل اشترى متاعاً من رجل وأوجبه غير أنّه ترك المتاع عنده ولم يقبضه، قال: آتيك غداً إن شاء الله فسرق المتاع، من مال من يكون؟ قال: “من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه”.([127]) وأمّا من طرق أهل السنّة، روى البيهقي عن محمد بن عبيد الله الثقفي أنّه اشترى من رجل سلعة فنقده بعض الثمن وبقي بعض، فقال: ادفعها إليَّ فأبى البائع، فانطلق المشترى وتعجّل له بقية الثمن فدفعه إليه، فقال: ادخل واقبض سلعتك، فوجدها ميتة، فقال له: رد عليَّ مالي، فأبى، فاختصما إلى شريح، فقال شريح: رد على الرجل ماله وارجع إلى جيفتك فادفنها.([128]) وعلى هذا فالميزان في رفع الضمان على البائع هو تسليم المبيع وتسليم كلّ شيء بحسبه، والجامع هو رفع المانع من تسليط المشتري على المبيع وان كان مشغولاً بأموال البائع أيضاً إذ لم يكن هنا أي مانع من الاستيلاء والاستغلال. وعلى ضوء ذلك فتسليم البيت والحانوت مثلاً باعطاء مفتاحهما، وأمّا جعل مجرّد تسجيل العقد في السجل العقاري رافعاً للضمان بحجة انّ تسجيل البيع فيه تمكين للمشتري أكثر ممّا للتسليم الفعلي اجتهاد في مقابل النص بلا ضرورة ما لم يكن تسجيل العقد في السجل العقاري متزامناً مع رفع الموانع من تسلّط المشتري على المبيع، إذ في وسع المتبايعين تأخير التسجيل إلى رفع الموانع. وبعبارة أخرى: الميزان في رفع الضمان هو تحقق التسليم بالمعنى العرفي، وهو قد يزامن التسجيل في السجل العقاري وقد لا يزامن، كما لو سجل العقد في السجل ولكن البائع أوجد موانع عاقت المشتري عن التسلط على المبيع، فما لم يكن هناك إمكان التسلط فلا يصدق التسليم.