بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد لا يخفى موقع علم الفقه في الدين ، فانه أهم علومه بعد العقيدة التي يكفى فيها الاعتقاد الصحيح الجازم ولو كانت نتيجة فطرة خالصة من الشوائب، فالفقه هو الترجمة العملية لما جاء به الكتاب العزيز والسنة الشريفة. وهو أيضاً الضبط الأصيل لما استظلت به العهود الإسلامية من نهج قويم أمكنها به الابقاء على أصالتها، والحفاظ على ثوابتها، ووضع المعايير الصحيحة لمتغيراتها. والفقه علم ميداني لا ينمو ولا يزكو إلا بمقدار صلته بالواقع الحي ومعالجته للتصرفات الواقعة للناس في معاشهم وعاداتهم، ولا يتم له ذلك إلا بتقريبه إلى أفهام العامة ليكون في دائرة استفادتهم منه، كما يستفيدون من علوم أخرى اجتماعية أو مهنية ظهرت في صور مبسطة دون اخلال بمقولاتها التخصصية. فانهم الآن محجوبون عن الفقه بسبب اسلوبه الخاص بأهل التفرغ له، ويشعرون أن بينهم وبينه حائلا كثيفا، وأنه لفئة معينة ليسوا منها ولو كان لهم حظ من الثقافة أو التعمق في علوم أخرى. مع أن الفقه ما هو إلا (الأحكام العملية) أي التنظيم الواقعي لكل مايعمله الناس. وأكتفى بهذه التوطئة قبل الكلام في صميم الموضوع من خلال العناوين التالية: - أسباب صعوبة الكتب الحالية للفقه.