أو مكان، الفرصة لتكييف واقعه الجديد وفقا للعناصر المتحركة في الشريعة، وهو ما يمكن أن يطلق عليه (التفويض التشريعي). ولاشك ان كلا التكييفين لا يخرجان عن اطار آلية الاجتهاد الشرعي، وفي حدود الموضوعات الجديدة التي ليس فيها نص أو قاعدة فقهية أو اصولية، وكذلك الموضوعات المتغيرة التي تستدعي حكما جديدا، أو الموضوعات التي تتسبب الظروف الطارئة في اصدار أحكام ثانوية لها. وهي لاشك مساحات تتسع باطراد، ويتطلب اكتشافها وملئها جهودا فقهية استثنائية. والحقيقة ان سماح الشريعة بوجود هذه المساحات يعدّ أهم عنصر من عناصر المرونة في الشريعة، بل الدليل العقلي الأبرز على خلودها. وتمتد المرونة في الشريعة إلى المساحات التي فيها نص أيضاً، ولكن في اطار القواعد الفقهية التي تنظر إلى (العناوين الثانوية)، وهي عناوين طارئة تؤثر على الأحكام الأولية، أو في اطار المصلحة (الشرعية) التي تستوجب أحكاما ولائية تتجاوز - في الحالات الضرورية والطارئة - الاحكام الأولية أيضاً. والمهم ان عناصر المرونة هذه، إذا ما أحسن استثمارها، هي الرهان الأساس الذي يحفّز الفقه على الاستجابة لكل التطورات الزمكانية ولكل المؤشرات على ظهور واقع جديد. 5- الفكر الفقهي الاجتماعي يمنح الرؤية الفقهية بعداً شموليا يستوعب الواقع الاجتماعي والفردي المتشابك وينفتح على المدلول الاجتماعي للنص وللدليل الشرعي، بينما تحجر الرؤية التجزيئية نفسها في زاوية النظر اللفظية للنص والفهم ذي البعد الواحد للدليل الشرعي، وتؤكد على معالجة واقع الفرد، وتنظر إلى حاجاته وكأنها منفصلة عن مجمل حركة المجتمع الإسلامي، أي انها لا تنظر إلى الابعاد الأخرى للموضوع وتأثيراته