بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة من المناسب أن نبيّن أن علم الفقه يشترك مع غيره من العلوم الإنسانية في بعض الجهات ويختلف عنها في جهات أخرى: 1 – فمن جهات الاشتراك أن العلوم الإنسانية عبارة عن عملية عقلية يسير فيها العقل البشري من المجهول إلى المعلوم وفق منطق معين ومنهج خاص وغرض مشخص، وهذه المسيرة الفكرية تمر بتطورات وتقطع أشواط من التقدّم ولاتظل تراوح في مكانها. من هنا نجد أن علم الفقه والممارسة الفقهية مرت بمراحل وأدوار اتسع فيها هذا العلم على مستوى المسائل التي يعالجها وعلى مستوى عمق ودقة الاستدلال شأنه في ذلك شأن العلوم الأخرى. 2 – ومن جملة جهات الاشتراك أن الغرض من الفقه هو تشخيص الوظيفة الشرعية والموقف الشرعي للإنسان في كل ظرف وفي كل زمان وفي كلّ مكان، وهذا يعني حتمية حركة الفقه بموازاة حركة تطور الحياة، ولو تأخر الفقه عن مواكبة المسيرة الصاعدة فهذا يعني عدم قدرته على أداء دوره في تقديم الحكم الشرعي بالشكل اللائق والمطلوب لله سبحانه. 3 – وأما الجهات التي يتميز بها الفقه عن غيره فمنها انه علم يمارس دوره في اطار دائرة النصوص الشرعية المستقاة من الوحي والشارع المقدس، فهو يختلف عن العلوم الادبية والتاريخية التي تتحرك في دائرة النصوص والموروثات البشرية والتي ربما يكون بعضها وهمياً أو خرافياً.