جعل الشريعة المصدر الثالث للقانون المدني، بعد النصوص التشريعية الوضعية والعرف([6]). لأن القانوني مشتق من ثقافة معينة وأوضاع حضارية ونظم قانونية خاصة بمجتمع معين، فلا ينبغي ان نعنى بتفاصيل القوانين في المقارنة وإنّما بالنظم والنظريات والأسس التي انبثقت منها. وقد نبه السنهوري رحمه الله: "إلى ان القانون الذي يشتق من الفقه الإسلامي يجب ان يكون في منطقه وصياغته وأسلوبه فقهاً اسلامياً خالصاً، لا مجرد محاكاة للقوانين الغربية"([7]). ويخالفه في ذلك المستشار طارق البشري، الذي يرى اسناد الحكم القانوني إلى الحكم الفقهي الذي يتفق معه فيكون هو اساسه الفقهي، وتقطع صلته بمصدره الوضعي([8]). كما ان الدكتور فؤاد محمد ممدوح وهو خبير في القانون يرى اعادة تقسيم الفقه الإسلامي إلى فروع تشابه فروع القانون الوضعي، وفصل الاحكام العامة والمبادئ والنظريات عن الاحكام الخاصة، واعادة كتابة موضوعات الفقه الإسلامي وتبويبها على غرار كتب شروح القانون الوضعي في لغة تماثل اللغة التي يكتب بها ويفهمها أهل القانون، والاحتفاظ بالمصطلحات الإسلامية وتقريبها([9])، ولعل اتباع التصنيف الغربي للفقه ومفاهيمه يؤدي إلى تبعية الفقه الإسلامي في شكله ومحتواه لهذا القانون، ولذلك نجد د. السنهوري رحمه الله، ينصح بأن توضح التصورات العامة للفقه الإسلامي من داخل مادة هذا الفقه نفسه، ومن نسقه ومرجعياته الموثوق بها. وقد سلك السنهوري منهجاً موضوعياً في الموازنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، وبيّن ذلك بوضوح من الناحية المنهجية في الموازنة يقول: "لن يكون همنا في هذا البحث اخفاء ما بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي في الصنعة والأسلوب والتصوير، بل على النقيض من ذلك سنعنى بإبراز هذه الفروق ليحتفظ الفقه الإسلامي بطابعه الخاص، ولن نحاول أن نصطنع التقريب ما بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي على اسس موهومة أو خاطئة فان الفقه الإسلامي نظام قانون عظيم