طريقة في الاستدلال والاستنباط للوصول إلى حكم شرعي من ادلته، فهو منهج موضوعه النص، نص الكتاب، ونص السنة الثابتة، وصناعة تعنى بالأوضاع اللغوية، فوجب على الفقيه المجتهد ان يكون فقيهاً باللغة العربية بقدر ما يمكنه من الاجتهاد في فهم معانيها الإفرادية والتركيبية وسياقاتها المختلفة، والوصول إلى وضع قواعد كلية مستقرأة من نصوصها، ولذلك نجد ان علم الأُصول تغلب عليه الابحاث اللغوية المنطقية، ولذلك أيضاً فانه ينبغي ان تتجه عناية الفقيه المجدّد إلى اصول الفقه باعتبارها منهجاً، والى الفقه باعتباره قضايا واحكاماً يؤدي إليها منطقياً هذا المنهج، فالعلاقة بين الأُصول وبين الفقه علاقة من الوثاقة بمكان. ويمكن القول بناء على ذلك بان بداية العمل التجديدي في الفقه وتيسره هي العناية بتجديد المنهج الأصولي، لتكون اسس التجديد للفروع واضحة، اما إذا اهملنا المنهج فان التجديد يصبح غير واضح وغير مسدد، وان كان يرى بعض زملائنا مثل الاستاذ الدكتور جمال عطية حفظه الله، ان العناية باصول الفقه ضرورية ولكنها تؤجل مؤقتاً، ويتجه التجديد والتيسر إلى الفروع الفقهية والى مادة الفقه نفسها، للاستجابة إلى الضرورة الملحة في هذا المجال. وأول ما ينبغي ان نقدمه في هذه العجالة الاشارة الضرورية إلى التفرقة بين الشريعة في مصادرها من الكتاب والسنّة، والفقه الذي هو اجتهادات المجتهدين، وافهامهم العقلية للنصوص في دلالاتها ومراميها، وهذه التفرقة في غاية الأهمية؛ لأنها تجعلنا أيضاً نفرق بين ما هو ثابت وما هو متغير، لأن الاجتهاد مرتبط بالواقع المتغير، الذي يواجهه كل مجتهد في عصره، واذا تغير هذا الواقع فان تنزيل الحكم على الواقع الجديد يكون بالضرورة محققاً لمصالح الأمة ومراعياً لمقاصد الشريعة وتغير الأعراف، ولهذا فان الاجتهادات القديمة لا ينبغي الجمود عليها وروايتها ونقلها على الواقع الجديد، الذي لا تستجيب فيه لحاجات الناس ومصالحهم، ولا تنطبق تلك الأحكام عليه، كما يؤدي ذلك أيضاً إلى توقف حركة الفكر في الأمة وفي مشاكلها الطارئة باستمرار([1]). فالتجديد يتأكد قيامه على منهج محدد المعالم، واضح السمات.