خاتمة إن التجديد المنشود في الفقه الإسلامي وإن المعاصرة المطلوبة لذلك الفقه لا يمكن أن تتحقق دون احياء العملية الاجتهادية وتفعيل حركتها، ودون الانفتاح الفكري، وإتاحة المجال للعقل باعتباره أول مصدر للمعرفة ودون ذلك لا يمكن أن يكون هناك فقه معاصر ودون الفقه المعاصر لا يمكن أن يكون هناك مجتمع إسلامي بحق. ويكفي أن نذكر هنا أن عملية التشريع في الفقه الإسلامي، يظل ضابطها الاساسي علم اصول الفقه الذي يعرف بأنه علم يتوصل به إلى استنباط الاحكام الشرعية عن ادلتها التفصيلية.. والاجتهاد يأتي كأهم موضوع بين مواضيع علم أصول الفقه بل هو موضوعها الأساس ولم تكن بقية المواضيع إلا فرعاً عليه وضابطاً له ولطرقه وأدواته. ولذا فإن تعريف علم أصول الفقه يصح أن يطلق كتعريف للاجتهاد وبهذا المعنى فإن الاجتهاد هو اصل الفقه والفقه فرعٌ له.. واذا كان غير ممكن أن يقوم الفرع دون الاصل فإنه غير ممكن كذلك أن يحافظ الفرع على بقائه وتجدده دون ان يكون الاصل قائماً ومتجدداً أيضاً. وتلك حقيقةٌ يؤيدها شاهد التاريخ، فحين كانت أبواب الاجتهاد في قرون الإسلام الاولى مشرعةً أمام كل من جمع شروطه وحصل معاييره وضوابطه شهدت الساحة الفقهية آنذاك ذلك الحراك الهائل الذي نشأت في ظله مدارس الفقه الإسلامي بمناهجها المتعددة ونتاجاتها الغنية لتشكل بذلك مظهراً من مظاهر الحضارة الإسلامية التي بلغت أوج مجدها وازدهارها آنذاك، وحين بدأت مشاعل تلك الحضارة في الانطفاء التدريجي، كان اغلاق باب الاجتهاد واحداً من العوامل التي وقفت وراء ذلك الانطفاء ومن ثمّ وراء حالة الركود الرهيب الذي لم يقتصر