أحضانها الأخصائيين في كل نوع من أنواع الفقه من الفقهاء، بل وغير الفقهاء من الخبراء في مايحتاج إليه من العلوم الحديثة، والفنون المستجدة، والمفاهيم الجديدة. الثاني، يرى كثير من الفقهاء الكبار شرط الاجتهاد في جميع هذه العلوم ولا يكفي التقليد فيها، وهذا الشرط في معرفة الكتاب والسنة وضوابط الاستنباط وعلم الأُصول ونحوها كاد أن يكون مجمعا عليه، فلو أفتى المجتهد بشيء اتكالا على فهم غيره من الكتاب والسنة، أو توثيق غيره للخبر، أو رأي غيره في قاعدة أصولية من دون اجتهاده هو فيها، فهذا نوع من التقليد، أو قل: هو اجتهاد في نطاق المذهب، وليس اجتهادا مطلقا، وفي أقسام الاجتهاد كلام كثير عند الفقهاء من جميع المذاهب. الثالث: العقل السليم، وحسن التشخيص واستقامة الرأي، والحذاقة التامة التي لا تحصل إلا بالممارسة الدائبة، واستفراغ الوسع ليل نهار ونحوها مما يجب حصوله في جميع العلوم والصناعات. وبعض فقهاء الإمامية زادوا شرطا آخر ربما يرجع إلى بعض ماذكر، وهو أن يملك المجتهد قوة قدسية، وذوقاً فقهيا وشما تشريعيا وهي مما يهبها الله تعالى لأهل التقوى والهداية (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام..)(الانعام/125) وتتطلب جهادا كبيرا، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (العنكبوت/69). الرابع: الإخلاص والتقوي والتعهد والالتزام بما شرعه الله، والتحفظ والتماسك عن التساهل في الفتوى، والاجتناب عن الأهواء والآراء وعن التأثر بما يبدعه المبدعون في كل عصر ولاسيما في هذا العصر الذي غلبت فيه الأهواء والآراء القيم والمكارم، وينادى فيه بالحداثة، والعلمنة حتى في نطاق الأحكام الشرعية، أما العلمنة في نطاق السياسة وفصلها عن الدين فأمر واقع – مع الأسف – في أكثر البلاد الإسلامية تبعا للغر ب وقد نجح فيها أصحابها منذ زمن بعيد، فغرّبوا أو شرّقوا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.