(60) البعد الرسالي: البعد الثالث : البعد الرسالي، وما يترتب على ذلك من تحقيق مصالح الرسالة وإعداد الأفراد لمهماتها ومسؤولياتها، وتحمل أعبائها الثقيلة. فقد عرفنا في جواب السؤال الأول أن عمر الرسول ـ عادة ـ يكون أقصر من عمر الرسالة وأعبائها ومهماتها، وهذا ما شاهدناه ـ أيضاً ـ في الرسالة الإسلامية، فقد كان عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) محدوداً بالنسبة إلى أعبائها ومهماتها، حيث توفي رسول الله بعد مضي ثلاث وعشرين سنة من البعثة الشريفة، وبالرغم من الجهود المضنية التي بذلها، والإنجازات العظيمة التي حققها في هذه المدة القصيرة، فقد بقيت أعباء الرسالة الإسلامية العالمية قائمة وموجودة إلى حد كبير في مجال التفهيم والتوضيح وفي مجال التطبيق والتنفيذ، حيث لم تتجاوز المساحة التي انتشر فيها الإسلام الجزيرة العربية، من حيث الحركة والقدرة والسيطرة، وأن كان قد خاطب رسول الله بها الأقوام المجاورين للجزيرة، أو دخل في بعض المعارك العسكرية معهم. بل كانت بعض الجيوب والمناطق في الجزيرة العربية نفسها لا زالت غير مستكملة في التفاعل مع الرسالة الإسلامية، كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك في الحديث عمن يطلق عليهم اسم الأعراب، من اؤلئك الناس الذين كانوا يعيشون في البوادي ولم يتعلموا الإسلام أو يتخلقوا بأخلاقه. أو المؤلفة قلوبهم من ضعفاء الإيمان والإعتقاد من العرب الجاهليين الذين استسلموا للواقع السياسي والاجتماعي للهيمنة الإسلامية والنصر الإلهي، فأعلنوا دخولهم في الإسلام، وإن لم يدخل الإيمان قلوبهم، قال تعالى : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَـنُ فِى