الاسلامية والأوضاع الافضل للمسلمين، وهي فوق جميع الرغبات الضيقة والمصالح الذاتية، بل هي أفضل من الخلافة ومن حق الامام (عليه السلام) بها، ولذا ترك المطالبة بهذا الحق، ولم يكتف بترك المطالبة بل نهى عن كل قول أو ممارسة تساهم في إحداث خلخلة واضطراب داخل الصف الاسلامي ولذا أمر المحرّض ان لا يعود الى مثل هذا التحريض. وحينما قدم ابو سفيان المدينة قال: « اني لأرى عجاجةً لا يطفئها الادم، يا آل عبد مناف فيم ابو بكر من اموركم أين الاذلان علي والعبّاس؟ ما بال هذا الأمر في أقلّ حي من قريش ؟». ثم قال لعلىّ (عليه السلام): «ابسط يدك ابايعك، فو الله لئن شِئتَ لأملأنّها عليه خيلاً ورجلا». فأبى عليه وزجره وقال له: « والله أنّك ما أردت بهذا الاّ الفتنة، وانك والله طالما بغيت للاسلام شراً لا حاجة لنا في نصيحتك»(11). رفض الامام (عليه السلام) هذا الموقف التحريضي المنطلق من نظرة قبلية ومن روح عنصرية وعصبية لا تنسجم مع مفاهيم الاسلام وقيمه، ولا تنسجم مع أهداف الامام (عليه السلام) في الحفاظ على الكيان والوجود الاسلامي، لأنّ الهدف من الخلافة هو تقرير مبادئ الاسلام في واقع الحياة وجعلها حاكمة على الافكار والعواطف والممارسات، ولا يتحقق هذا الهدف بتصديع الجبهة الداخلية وإشغالها بالمعارك الجانبية، إذ لا قيمة للخلافة أمام تلك الأهداف السامية. وما قاله ابو سفيان قد يساهم في تنصيب الامام خليفة على المسلمين وازاحة أبي بكر، وخصوصاً ان الكثير من الأنصار رفضوا البيعة، وكما صرّح بذلك