(39) على الرسالة وقيمها ومُثلها ومبادئها وصبرها واستقامتها في هذا الطريق، وتحمّلها لمسؤوليتها وأعبائها. وقد كان يتم ذلك ـ أيضاً ـ عن طريق النبوات التابعة من الرسالات الإلهية الأخرى، أو الأوصياء الذين كانوا يتحملون هذا الدور من الإمامة ـ أيضاً ـ وأما في الرسالة الخاتمة فقد تمحّض هذا الأمر في دور الأمامة. وهذا النوع من الإختلاف هو الذي يفسر لنا ما ورد في أحاديث عديدة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عندما كان يتحدث مع علي (عليه السلام)، وغيره عن مستقبل الايام في التاريخ الإسلامي وتطورات الأحداث فيه، حيث كان يتحدث هناك عن معركتين إحداهما على (التنزيل) كان يقودها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مواجهة المشركين وأهل الكتاب، ومعركة أخرى هي معركة على (التأويل) الذي كان يخبر الرسول عن دور الإمام علي (عليه السلام) في قيادتها، فقد روى سعيد بن المسيب، عن سعيد بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : (( يا عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي، تقضي ديني وتنجز عدتي وتقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل، يا عليّ حبّك إيمان وبغضك نفاق ولقد نبّأني اللّطيف الخبير أنه يخرج من صلب الحسين تسعة من الأئمة، معصومون مطهّرون، ومنهم مهديّ هذه الأمة، الّذي يقوم بالّدين في آخر الزمان كما قمت به في أوله ))(1). إذن، فهذه المعركة هي قضية حقيقية قائمة في التاريخ الرسالي والتاريخ الإسلامي وقد ذكرها القرآن الكريم على مستوى تاريخ الأنبياء ـ أيضاً ـ وأكدتها ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ البحار 36 : 331، حديث 190، وقد ورد مضمون القتال على التأويل والقتال على التنزيل في عدد من النصوص التي رواها الفريقان، راجع تاريخ ابن عساكر 3 : 127 ـ 136، ومستدرك الصحيحين 3 :122، قال الحاكم : هذا حديث صحيح.