(35) دون الله. ولما كان عمر الرسول محدوداً ـ عادة ـ لايستوعب الزمان الكافي لحل هذا النوع من الأختلاف خارجياً، بحيث يمكّنه من إزاحة جميع العوائق والموانع التي تقوم أمام الرسالة في حركتها الاجتماعية والإنسانية، تصبح الرسالة بحاجة إلى قيادة (معصومة) للحركة الاجتماعية وإدامة العمل لحل هذا النوع من الإختلاف، وهذه الحاجة ثابتة في كل الرسالات الإلهية، فكيف إذا كانت الرسالة رسالة خاتمة طويلة الأمد، يراد لها أن تعم الأرض كلها، وتزيل جميع الآلهة المصطنعة، والأمثلة التي يبتدعها الإنسان وتنتصب في وسط طريق التكامل الإنساني. لذا كانت الحاجة قائمة لوجود القائد وهو الإنسان الكامل الذي نعبر عنه بـ(الإمام)، ليقود خارجياً معركة تحرير الإنسان من كل هذه الآلهة والقيود، وتحقيق العبادة المطلقة لله تعالى، دون غيره من الآلهة، وهو المثل الأعلى للحق، لأن معركة التحرير هذه تحتاج إلى شخص يتصف بالاستيعاب الكامل والرؤية الواضحة للرسالة من ناحية، والشعور العالي بالمسؤولية أمام الله تعالى في إدامة المعركة من ناحية ثانية، والإدارة القوية في إدارة المعركة التي تعتمد على جهاد النفس من ناحية ثالثة. وهذا السبب هو ما أشار إليه الشهيد الصدر (قدس سره) في حديثه حول ضرورة الإمامة بعد الرسول، وقد أعطى الإمامة مضموناً شاملاً، يتحد مع النبوة أحياناً، عندما تكون الحاجة إلى النبي والقائد معاً، ويفترق عنها أحياناً أخرى، عندما تكون الحاجة إلى القائد وحده، ولكنه على أن يرتبط بهذه المهمة الخاصة وهي قيادة المعركة، وهو ما عبر عنه الشهيد الصدر (قدس سره) بقيادة المعركة التي يواجهها الأنبياء في المجتمعات الإنسانية، لإزالة كل الأمثلة المزيفة والآلهة المصطنعة الذي يخترعها الإنسان ويبتدعها، سواء كانت هذه الأمثلة المصطنعة والآلهة