الأقليات في الإسلام كريم النوري تمهيد: مشكلة الأقليات من المشاكل المعقدة والمثيرة في هذا العالم وظلت قائمة ولم تحسم بعد في أغلب مقاطع العالم برغم التطور الحضاري الهائل والانتقال إلى الالفية الثالثة وقرن جديد حافل بالتطورات والمفاجآت. العالم عندما تحكمه روح الهيمنة ونزعة الاستعلاء والسيطرة يصبح من الصعب جداً وضع حلول لمسألة الأقليات وتحديد حقوقها وإنهاء مأساتها لان مصالح الحاكم سواء كان اغلبية أو اقلية تقضي أحياناً إغفال وإهمال حقوق الآخر أقلية كان أو اغلبية. الأقليات المحكومة تعرضت خلال القرن المنصرم الى ألوان من التنكيل والتقتيل والتصفية والإبادة في واحدة من أبشع جرائم القرن العشرين. وبدل ان تبادر القوى الحاكمة ذات النفوذ والهيمنة الى رعاية وحماية الأقليات، استخدمتها كأوراق ضغط في معادلة الصراع الاقليمي ودفعت الأقليات ثمن هذه الصراعات والموازنات وعلى الرغم من تأكيد المجتمع الدولي على رعاية وصيانة الأقليات المستضعفة والمسحوقة في بلدانها ضمن بنود ومقررات في هذا السياق إلاّ أن المجتمع الدولي قد وقف موقف المتفرج ازاء ما تتعرض اليه المزيد من هذه الأقليات من مجازر ومذابح ولم تجهد نفسها (المنظمة الدولية) حتى بإصدار ورقة ادانة بحجة ان ما يحدث هو «شأن داخلي محض». ونود في هذا السياق التنويه الى ان الأقليات تارة تكون حاكمة واخرى تكون محكومة وفي الغالب ان الأقليات كانت محكومة لا حاكمة وابرز نموذج للأقليات الحاكمة هو العراق حيث تعرضت الأغلبية الساحقة من أتباع أهل البيت الى اساليب منظمة لتشويه انتماء هذه الاغلبية ومسح هويتها والتشكيك بأصالتها وعوملت كأقلية مسحوقة ومورست بحقها سياسة التمييز الطائفي واتهمت بالطائفية بمجرد مطالبتها بحقوقها المشروعة في ظل الدولة الحاكمة بينما عاشت الأقليات في ظل النموذج الإسلامي المتمثل بالجمهورية الإسلامية في منتهى الامان والاطمئنان ومارست طقوسها وشعائرها دون ان يتعرض اليها أحد أو يمسها بسوء وذلك ان الحكم الإسلامي يستمد دستوره وقوانينه من ثوابت العقيدة والشريعة والدين وهي ثوابت لا تخضع للتغيير أو التبديل وهي أيضاً فوق مزاج عمرو أو نوازع زيد. وان الإسلام وفق ماتؤكده أصوله وشرائعه يحترم حقوق غير المسلمين اكثر من غيره من الديانات وهذا ما يشهده الواقع في الجمهورية الإسلامية وما تبرزه حالات الوئام والانسجام والممارسة للحريات والحقوق يفند بوضوح ماتبثه وسائل الاعلام من خلال بث الدعايات التشويهية بغية الإساءة للنظام الإسلامي. سنحاول في هذا البحث تسليط الضوء على مسألة الأقليات واشكالية التعايش في ظل الأوضاع المتغيرة في العالم وسوف نستعرض حقوق وحريات الأقليات في ظل الجمهورية الإسلامية المباركة. المفهوم الحديث ان كلمة الأقليات هي كلمة غريبة وحديثة في القاموس الإسلامي ذلك ان الإسلام لم يتعامل مع غير المسلمين بإعتبارهم أقليات منفصلة عن نسيج الامة. وإن أهل الكتاب وفق الصحيفة التي كانت ميثاقاً حدد صيغة العلاقة بين المسلمين وغيرهم في المدينة، فان أهل الكتاب كانت لهم حقوق المواطنة الكاملة يمارسون عبادتهم بكل حريتهم يتناصحون ويتناصرون ويتعاونون على حماية المدينة. اطلق على غير المسلمين منذ البداية أما أهل الكتاب وأما أهل الذمة وإن شئنا الدقة فان الوصف الأول ـ وهو أهل الكتاب ـ هو الذي ذكر في القرآن الكريم، أما الوصف الثاني هو مما في الأحاديث النبوية الشريفة وفي فقه المسلمين فيما بعد وقد قصد به أن يصبح هؤلاء في ذمة الله ورسوله أو في أمان الله كما جرى القول في بعض الأحيان، وذمة الله ورسوله مرتبة كريمة وحماية جليلة وإن أساءت اليها الممارسات في العصور المتأخرة حتى باتت كلمة الذمة تحمل بمعنى المواطنة من الدرجة الثانية، هكذا كانت رؤية الإسلام لغير المسلمين في عهوده المبكرة، أما كلمتا الأقليات والملل فهي مما دخل في الفكر السياسي في العهود المتأخرة وبالأخص ابتداءاً من القرن الثاني عشر أواخر عصر الدولة العثمانية([1]). مفهوم الاقلية السياسية في العصر الحديث وتحديداً ابتداءاً من القرن الثاني عشر عرفه العالم الإسلامي كنوع من الانحراف عن القيم الإسلامية التي وان سمحت بتعدد الانتماءات الدينية إلا أنها حرصت على التأكيد على وحدة الإنتماء السياسي في نطاق الدولة العثمانية. ومفهوم الاقلية السياسية عرفته الدولة العثمانية عندما عنّ القائمون على شؤونها أن يعملوا على تتريك عناصرها ومللها كافة فكان ذلك بداية لتدخل القوى الإستعمارية المحيطة بها بهدف تقويضها وبالفعل تمت إقامة الكثير من الدول على انقاضها التي يعاني معظمها أزمة الأقليات وفق المفهوم السياسي خصوصاً منذ بداية السبعينات([2]). بالمعنى العام للاقليات يمكن تقسيمها إلى نوعين: أقليات دينية مثل الأقليات الموجودة في مصر والسودان والشام وغيرها واقليات عرقية، كالبربر في المغرب والاكراد في العراق. قيمة الإنسان في الإسلام يحتل الإنسان مكانة خاصة ومحترمة في الإسلام لا يمكن التجاوز أو الاعتداء عليها وقد قرر الإسلام إن البشر كلهم اسرة واحدة تجمع بينهم العبودية لله سبحانه والنبوة لآدم«ع» وان جميع أفراد البشر متساوون في أصل الخلقة والكرامة الإنسانيتين اللتين ينبغي أن تكونا محفوظتين ومصانتين لأن حق الحياة الذي منحه الله للبشر حق مشترك بين الجميع فلا يجوز لأي فرد أو جهة ما أن تعتدي على هذا الحق فتسلبه من إنسان ما من دون المبررات الموضوعية التي تجيز ذلك من خلال المنظور الإلهي لحق الحياة وتفسير حدوده لأن الحياة لما لم تكن عطاءً من الإنسان للإنسان، بل ان كل البشر في هذا الحق ضعفاء وعاجزون عن تحصيله لأنه خارج عن قدرتهم بل هم مقهورون عليه بالارادة الالهية التي منحت الجميع هذا الحق بالتساوي من دون أدنى تفاضل في أصل الخلق والتكوين، فكيف يجيز البعض من الافراد أو الجهات الاخرى لنفسه ان يسلب هذا الحق في الحياة؟ ومن اعطاهم السلطة والقدرة على سلب الناس حريتهم وكرامتهم وحقوقهم الإنسانية؟. إن الفوارق التي طرأت على حياة البشر وقسمتهم الى شعوب مختلفة وقوميات متنوعة لم تمنح بعض ابناء البشر امتيازاً عن بعضهم الآخر ولذا نجد ان الله سبحانه وتعالى يخاطب الجميع متجاوزاً تلك الفوارق بقوله: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم»([3]) إن الإنسان كان محور حركة الرسالة الإسلامية التي جاءت لتحريره وانقاذه من براثن الظلم والعبودية والقهر وهو اسمى المخلوقات وانبلها وقد جعله الله خليفته في أرضه ولم يقهره على عبادته وطاعته بل منحه القدرة على الاختيار: «إنّا هدينا السبيل أمّا شاكراً وأمّا كفوراً»([4]). ولم يحظ مخلوق بمثل ما حظي به الإنسان من لطف وتكريم الهيين فبعث الله سبحانه الأنبياء والرسل من أجله حتى توّج هذا التكريم بالرسالة الخاتمة ونبيها الخاتم(ص) ومعجزته القرآن الكريم. ولقد كان القرآن ـ وحي الله المنزل على نبيه الأكرم ـ دستوراً ومنهاجاً ونوراً لبني البشر وقد اشتمل على تعاليم ومفاهيم وخطابات تؤكد أقصى الإهتمام بالإنسان وإخراجه من ذل معصية الله إلى عزّ طاعته ومن عبودية الذات والملذات إلى عبودية الخالق جل شأنه. ولاشك إن الحفاظ على حقوق الإنسان الإساسية في الإسلام تعتبر من المباني التشريعية الإساسية القائمة على المصالح والمفاسد الأمر الذي يدخل حقوق الإنسان في صميم النسيج العام الإعتقادي والتشريعي دون شعارات تسويقية لاتمت للواقع الإنساني بأدنى صلة وإنما هي ممارسة عملية يترتب عليها ثواب وعقاب دنيوي وأخروي. وهذه ميزة إنفرد بها الإسلام بتشريعه الشمولي وإستيعابه لكل مفردات التنوع والاختلاف والتعددية بكافة اشكالها وتعقيداتها. ومن هنا فإن الإسلام قد قرر أصولاً عامة في هذا المجال من أجل حفظ وصون حق الحياة، لكي تبقى للحياة قيمة ومعنى يرتفع عن القيمة المادية البحتة التي أستهوت الكثير من أفراد البشر وتلك الاصول العامة هي التي تحدد أنواع السلوك الفردي والإجتماعي لمجتمع المسلمين مع بعضهم البعض من منطلق الأخوة الإسلامية ومع غير المسلمين من منطلق العبودية المشتركة لله سبحانه وتعالى: 1 ـ البشر جميعاً أسرة واحدة والخلق كلهم عيال الله، أحبهم إليه أنفعهم لعياله. 2 ـ الحياة الكريمة حق الهي ثابت للجميع بلا إستثناء. 3 ـ الإنسان حر ولا يحق لفرد أو جهة سلبه الحق في الحياة الإنسانية الكريمة وبالتالي حرية التعبير عن الرأي من خلال ما تحدده المبادىء الشرعية في الإسلام ثابتة ومقررة. 4 ـ الإستعمار والإستعباد محرّمان قطعاً لما فيهما من امتهان لكرامة الإنسان وقيمته الإلهية. 5 ـ حق الأمان ثابت للإنسان في كل المجالات فيما يتعلق بشخصه ومن يرتبط به من عرضه وماله([5]). الأقليات في سيرة النبي (ص) وأهل بيته الاطهار (ع) جسّد النبي الاكرم(ص) واهل بيته الاطهار «ع» مفاهيم الإسلام وتعاليم الشريعة من خلال الممارسة القيادية والتعامل الاخلاقي مع الناس. وبلحاظ وظيفتهم الإلهية في هداية البشر وقيادة الأمم كانوا القدوة الحسنة والصالحة في المجتمع الإسلامي فقد تعاملوا بمنتهى الرحمة والعطف والرعاية مع غيرهم ولو لم يكونوا على دينهم وملتهم من غير استعلاء أو فوقية أو إكراه وقد سجل التاريخ مواقف وقصصاً تعكس طبيعة التعامل الإنساني للمسلمين مع غيرهم. فان أول الممارسات التأسيسية في دولة الرسول الأكرم هو المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين من دون تفريق او تفريط وكذلك المعاهدات التي أبرمها رسول الله(ص) مع اليهود وتأكيده الإلتزام العملي بها في اصعب الظروف التي مرت بها الرسالة الإسلامية. ومارس النبي الأكرم(ص) الدور القيادي للبشرية بأروع صورة مؤكداً إنقاذ الإنسانية من الذل والعبودية ومواجهة الطغاة والمعاندين. وسمع النبي(ص) قصة امرأة ضعيفة ظلمت في أرض الحبشة من أحد الأقوياءالقساة فكان تعقيبه على هذا الحادث أن قال: «كيف يقدّس الله أمّة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم»([6]). والإمام علي بن أبي طالب«ع» قد حرص اشد الحرص على انقاذ الإنسان من الإستغلال والإستئصال ومقاومة كل ظلم يقع على مستضعف وفي عهده لمالك الاشتر يقول: «.... واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم اكلهم فإنهم صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»([7]). ويقول في خطبة أخرى: «انصفوا الناس من أنفسكم وإصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة.... ولاتضربن احداً سوطاً لمكان درهم ولاتمسّن مال أحد من الناس مصلّ ولا معاهد».([8]) والمعاهد هنا هو غير المسلم من أهل الكتاب. ومن المواقف الرائعة التي تعكس إهتمام أهل البيت(ع) بالبشر ورؤية الإسلام الحقيقية الى غير المسلمين ماورد عن امير المؤمنين(ع): مرّ به شيخ كبير مكفوف البصر يسأل الناس الصدقة فقال أمير المؤمنين(ع) ما هذا؟ قالوا: نصراني، فقال(ع): استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه؟ انفقوا عليه من بيت المال([9]). ومن تلك النماذج التي تؤكد تسامح أهل بيت النبوة مع غيرهم من غير المسلمين (قصة الدرع الذي وجده النصراني وكان للإمام علي(ع) فطالبه به فلم يعترف النصراني بأنّ الدرع للإمام فقاضاه إلى شريح ولكن بما ان البينة لم تكن تامة بنظر القاضي شريح حكم بالدرع للنصراني مع إنه للإمام مما دفع بالنصراني إلى الإعتراف بأنّ الدرع للإمام(ع)([10]). وأهل البيت «ع» أعطوا إنطباعاً سليماً من خلال تعاملهم مع الآخرين ولم يستثنوا في ممارساتهم القيادية الرسالية ادنى جوانب الرعاية والإحترام كما يفعل الكثيرون في ممارساتهم الإنتقائية التي تستبطن حالات المصالح والمنفعة والأنا وقد ورد عن الإمام الصادق حكاية عن فعل جده أمير المؤمنين(ع)، «حيث صاحب ذمياً في الطريق فقال له الذمي: أين تريد يا عبدالله؟ قال «ع»: أُريد الكوفة، فلما عدل عن الطريق، الذمي، عدل معه أمير المؤمنين«ع» الى ان قال.... فقال له الذمي: لم عدلت معي؟ فقال أمير المؤمنين(ع): هذا من تمام الصحبة أن يشيّع الرجل صاحبه هنيئة اذا فارقه وكذلك أمر نبينا، وفيه أن الذمي أسلم بذلك([11]). من ذلك كله وممن لا يمكن إستقصاؤه في هذا السياق ندرك الأهمية التي أولاها الإسلام والنبي الأكرم(ص) وأهل بيته الأطهار(ع) على طبيعة التعامل مع غير المسلمين، الأمر الذي يثبت عظمة الدستور الإلهي ومنهجه الرصين في إسعاد البشرية وإنقاذها من الظلم والقهر والإستعباد. الأقليات بين الحقوق والواجبات خلال السنوات الخمسين الماضية حقق العالم تقدماً كبيراً في مجال تعزيز حقوق الإنسان وتوسيع نطاقها. وقد بدأت هذه العملية بصياغة ميثاق الأمم المتحدة وتبعها صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والإتفاقيات المعنية بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الإجتماعية والثقافية والمواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان وإعلان حقوق الدول وواجباتها. وقد وقّعت جميع الحكومات تقريباً على واحدة على الأقل من هذه المعاهدات، والاتفاقيات، والإعلانات، أو أقرّتها([12]). لم تلتزم اغلب الدول التي وقّعت أو أقرّت على هذه المواثيق نتيجة الممارسات الخاطئة التي غفلت الحقوق والحريات بما فيها حقوق الأقليات سواء الدينية أو العرقية وتعرضت إلى ألوان من التنكيل والإضطهاد والإبادة. وبحجة أن ما يحدث من صراعات دموية طالت الأقليات هو «شأن داخلي» أخذ العالم يتفرج على مايحدث أمامه من مجازر ومذابح، وهكذا ارتكبت المجازر المروعة تحت لافتات «عدم التدخل في الشؤون الداخلية» وانتهكت الحرمات بأسم «الشأن الداخلي» وتصبح الضحية «الأقلية» هي الخارجة عن الوحدة الوطنية بمجرد مطالبتها بحقوقها المشروعة المغتصبة ويصبح الجلاّد «الأكثرية الحاكمة» هو الحريص تماماً على إستقلال البلاد ووحدتها مما يجيز لها استئصال كل حالات «التمرد» والخروج على «القانون» الوطني!. فكما إن الواجبات تقابلها حقوق في الغالب أو ما يطلق عليه «الحقوق المتبادلة للآخرين» ففي واقع الممارسة والمسؤولية لاداء هذه الحقوق نلاحظ ثمة إزدواجية حقيقية وأحادية الإتجاه في التطبيق لجانب واحد واغفال الاخر من هذه المعادلة (الحقوق والواجبات) وبطريقة انتقائية في تغليب مصالح الدولة على حساب مصالح الأقلية المشروعة فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو: لماذا نطالب الأقليات «المحكومة» بالواجبات الوطنية والدفاع عن سيادة البلاد ووحدتها وإستقلالها والمشاركة الفعالة في بناء الوطن بينما نتغافل حقوق هذه الأقليات المشروعة في حرية التعبير والتفكير والرأي والمعتقد في إطارها القانوني والشرعي. والمفارقة في هذا السياق هي إن تلك الأقليات عندما تطالب بحقها وحقوقها «المشروعة» تعتبر خارجة عن الصف الوطني وتساهم في تعكير صفو الأمن وعندما تهمل واجباتها تعتبر مقصرة في خدمة الوطن ومتآمرة على أمن البلاد وسلامة العباد وهي بكلتا الحالتين تعاقب وتحاسب وتضطهد وتشرد. لابد من إيجاد سعي جاد ومكثف ومتزن من اجل المحافظة على حقوق الأقليات في اطارها المشروع وحمايتها من الإستئصال والطرد الجماعي وكذلك المحافظة على هويتها وذاتيتها الخاصة حتى لا تتعرض للذوبان والاضطهاد الفكري والثقافي. الأقليات ومفهوم الوحدة الوحدة شعار مرغوب ومحبوب وضرورة يفرضها الواقع والتحديات والتعايش في الكيان الواحد دون تمييز أو تفريق والوحدة تعني تقنين الخلافات وتوجيه مساراتها بإتجاه وحدة الهدف ووحدة المصير إلاّ أن ثمة من يحاول فهم الوحدة بشكل مقلوب وسلبي يسيء للوحدة أساساً فالوحدة لا تعني بأي حال تذويب الأقليات والتوجهات والمعتقدات في بوتقة مسار السلطة بل تتحقق الوحدة في ظل التعددية والتنوع وإلاّ فلا معنى للوحدة إذا كانت تعني النسيج الواحد والقالب الواحد. إن إستخدام الوحدة الوطنية كهراوة لقمع الأقليات يساهم في تشظي البلاد إلى شظايا غير متآخية يدفع ضريبتها أبناء الوطن جميعاً ودون إستثناء وهو ما يسمى بالوحدة الانصهارية ولسنا نعني بذلك إختفاء الشعور بوحدة الأمة ووحدة الإنتماء ووحدة السبيل وإنما نعني طمس الهوية القبلية أو القومية أو العرقية أو اللغوية أو المذهبية لعناصر الأمة لمصلحة المشروع الوحدوي الذي يضمن تعايش الأقليات جميعاً. وهنا ندعو إلى مراعاة حقوق الأقليات الدينية والعرقية والمذهبية أو تشريع مايلزم لها لتشعر بالطمأنينة فأتباعها وإن كانوا من المخالفين لعقيدة الدولة أو للاكثرية من ابنائها غير أنهم مواطنون لهم حق الإنسان وحق المواطن وحق الذمة، هكذا كانوا في عهد النبوة وهكذا ينبغي أن يكونوا في كل عهود المسلمين، وفي سبيل ذلك ينبغي التوصل إلى صيغة شرعية تواكب العصر ومستجداته ومصطلحاته تؤطر اوضاعهم السياسية والثقافية والقانونية، كي لا يبقى الأمر مسألة إستنسابية تعود إلى مزاج الحاكم أو مزاج الجمهرة الشعبية الطاغية([13]). هل يتعارض التمسك بالهوية الشخصية (العرقية والمذهبية) مع الوحدة قد مرّ إن الوحدة لا تعني طمس الهوية العرقية أو المذهبية ولا تعني كذلك تذويب الأقليات والمعتقدات في بوتقة السلطة الحاكمة. وتأسيساً على هذا إن التمسك بالهوية الشخصية والعرقية والمذهبية لايصطدم ولا يتعارض مع الوحدة ذلك إن الإنتماء الفكري المذهبي كان معروفاً ومنتشراً داخل المجتمع الإسلامي، وبلغ أوجه في العصر العباسي في المشرق، وأيام حكم الأمويين في الأندلس، وعرفت مساجد المسلمين ومدارسهم خليطاً عجيباً من أصحاب الفرق والمذاهب وأصحاب الرأي ومع ذلك شهدت هذه الفترة ازدهاراً لم يشهد له مثيل في ميادين العلم والفكر والسياسة والإقتصاد والحرب والزراعة والفنون على إختلاف ميادينها وإمتداد مساحتها([14]). ونود التفريق هنا ما بين الإنتماء للمذهب او الطائفة وبين التمييز الطائفي والمذهبي فإن الذي يتعارض مع الوحدة هو التمايز الطائفي وليس الإنتماء للطائفة. الأقليات وثقافة الحوار لاشك إن الحوار من وسائل الدعوة التي بدأها رسول الله في رسائله التأريخية إلى هرقل والمقوقس والنجاشي وغيرهم وثقافة الحوار من خلال الإنفتاح على الأقليات وتحديد الأولويات تؤدي إلى التفاهم وليس التصادم والوقوف على المشتركات من أجل ترسيم الحدود بين الأقليات دون التجاوز والإعتداء أو الإقصاء والإلغاء. وإن الدعوى إلى حوار الحضارات التي اطلقها السيد محمد خاتمي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحظيت بإحترام الإمم المتحدة كبند مقرر في لائحة المنظمة الدولية يدعونا إلى تأكيد أهمية حوار الأقليات من مبدأ الأولوية لاعتقادنا إن نقاط الإتفاق والمشتركات بين الأقليات يساهم في بلورة هذا الحوار بخلاف التباعد التعقيدي بين الحضارات. وقد أشار الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه «اولويات الحركة الإسلامية» إلى عدة أمور في الحوار الديني بين الإسلام والمسيحية ويقول: «ليكن هناك حوار ديني بين الإسلام والمسيحية، يهدف إلى عدة أمور: ـ 1 ـ الوقوف في وجه تيار الإلحاد والمادية، الذي يعادي كل الرسالات السماوية ويسخر من الإيمان بالغيب، ولا يؤمن بألوهية ولا نبوة ولا جزاء ولا قيم روحية، وكذلك تيار الإباحية والإنحلال الخلقي، الذي يكاد يدمر خصائص الإنسانية وفضائلها التي كسبتها من هداية النبوات. 2 ـ تأكيد نقاط الإتفاق بين الدينين، التي أشار إليها القرآن في قوله في جدال أهل الكتاب: «وقولوا آمنا بالذي أنزل الينا وأنزل إليكم وآلهنا وآلهكم وأحد ونحن له مسلمون»([15]). 3 ـ تنقية العلاقات من رواسب الروح العدائية التي خلفتها الحروب الصليبية قديماً والإستعمارية حديثاً، وإشاعة معاني الإخاء والإنسانية والمرحمة، وفتح صفحة جديدة لعلاقات أنقى وأصفى، ومن مظاهر ذلك: أن تكف الكنيسة عن تأييد النصارى ضد المسلمين في كل معركة تقوم بين الطرفين، كما في جنوب السودان والفلبين وغيرهما بل إنها قد تؤيد الشيوعيين والوثنيين ضد المسلمين([16]). وبالحوار وحده وليس الشجار نصل إلى التفاهم والإنسجام ونضع قواعد مشتركة من أجل التعايش في إطار الدولة الواحدة. الأقليات والإستبداد نود الإشار إلى قضية ربما يقع فيها الخلط واللبس وهي إنصراف مفهوم الأقليات إلى معنى الإنسحاق والمظلومية وهذا غير صحيح إذ ربما تكون الأقليات حاكمة والأغلبية كما سنرى في موضوع قضية الشيعة الذين يمثلون الأغلبية الساحقة وهم كما هو معروف محكومون من الاقلية ذات الإستبداد والتسلط فالأقليات تارة تكون حاكمة وذات نفوذ في السلطة وأخرى تكون محكومة، والحديث يجري في الإتجاه الثاني. الأقليات «المحكومة» كانت ومازالت ضحية الإستبداد والدكتاتورية وطالما سعت الحكومات المستبدة إلى محاولة تذويب الأقليات وصهرها وإنهاء دورها والغاء هويتها وطمس حقوقها. الإستبداد العدو اللدود للأقليات ولم ينته دوره بمحاصرة الأقليات وتهميشها بل يتعدى إلى حدود أبعد من ذلك فيعامل الأغلبية كما انها أقلية مسحوقة ويراها السبب في التمزق والتشظي. الحاكم المستبد لم يصغ إلى الصيحات والنداءات المطالبة بالحقوق والحريات بل يرى إن أية فسحة من الحريات إنما تعني تقييداً وتطويقاً لصلاحياته المطلقة. ولأن المستبد عدو التعددية والتنوع فنجد إن محاولات الإستئصال والأبادة التي يمارسها المستبدون تطال الأقليات بالدرجة الإساس وحينما يتأكد حكم الفرد المستبد فلا نكاد نرى الاّ خنقاً واضطهاداً للأقليات ولاحلاً لمشكلة الأقليات إلاّ بانهاء ظاهرة الأستبداد السلطوي وإحلال الحكم الجماهيري الذي يؤمن بالتعددية بكافة أشكالها. وعندما كان الولاء والعصبية للقومية أو الطائفة أو الفئة أو الحزب أو الفرد المستبد الحاكم... كانت الكوارث والحروب الأهلية والإقليمية وتسلط الأغلبيات على الأقليات أو العكس. وكما مرّ إن الأقليات ليست دائماً هي الجماعات المظلومة والمستضعفة وليست دائماً في حالة الحرمان في كل أنحاء العالم ففي إتحاد جنوب افريقيا ـ مثلاً ـ نرى الأقلية العنصرية الإنجليزية كانت تحكم الأكثرية الساحقة من المواطنين الأفارقة وتعاملهم كأقلية بقوة السلاح وإستخدامها له بوحشية ضدهم وهناك بعض الأقطار المشابهة لجنوب افريقيا والتي تحكم بنفس الطريقة بواسطة اقليات إستعمارية غربية. وبالرغم من إنّ المسلمين في القدس المحتلة يشكلون 78% من غالبية الشعب فأنهم يتعرضون بشكل مزر لتسلط الحكم غير الشرعي للاقلية الصهيونية ووجوده([17]). الأقليات وعقدة المظلومية تعايش الاغلبية وتفاعلها الحياتي وسط تيار الأغلبية الحاكمة وشعورها بالتقزم يولّد عندها عقد المظلومية والاستصغار وتحاول جاهدة ومن أجل التخلص من هذه العقد اللجوء للارتباط بالقوى الخارجية من اجل حماية نفسها وضمانة حقوقها والشعور بالعزلة والمنعة وقد ساهمت القوى الكبرى في بلورة هذه القناعة لدى الأقليات وإنشاء تحالفات وعلاقات من التآمر والتخطيط لاضعاف البلدان وحكوماتها واستغلال الأقليات كأوراق ضغط من أجل ربط الأقليات بالكيانات السياسية الكبرى. وقامت بعض الأقليات وسط هذا الشعور المتبلور في ذاتها بالمطالبة بامتيازات خارجة عن حجمها الطبيعي على حساب الأغلبية الحاكمة وقوانينها. ومن المفيد الإشارة العابرة إلى قضية هامة وهي إن التآمر والتجسس على البلاد لا يعفي الأقليات من العقوبات المنصوص عليها في قوانين ذلك البلد والتي تشمل الأغلبية أيضاً لو عرضت البلاد إلى خطر التقسيم والتشرذم فاليهودي الذي يتجسس على البلاد الإسلامية لحساب العدو الصهيوني ويعاقب وفق المحكمة الإسلامية لايختلف عن غيره من المسلمين لو مارس عملية التجسس بيد إن الولايات المتحدة الاميركية واذنابها يحركون وسائل الدعاية للتشويش والاساءة إلى النظام الإسلامي بمجرد الإعلان عن المحاكمة العلنية للجواسيس اليهود واتهام هذا النظام بإضطهاد الأقليات اليهودية، وهل يعقل ان يكافىء اليهودي لو تجسس لحساب الموساد وبالتآمر على النظام الإسلامي لانه يهودي؟ والمفارقة إنهم يحاكمون المسلمين بتهم شتى وأحكام جائرة وجاهزة وسجون إميركا وإسرائيل خير شاهد على ما نريد تأكيده بينما لو اعتقل يهودي بتهمة التجسس يثيرون ملفات حقوق الإنسان ويعتبرون ذلك انتهاكاً صارخاً لهذه الحقوق!. ومن المفيد الإشارة الى إن الاقلية عندما تكون حاكمة وتشعر بوجودها اقلية بين أغلبية الشعب فانها تلجأ للإرتباط مع القوى الخارجية لحماية وجودها من خطر الإقصاء وهذا ما يحدث لاغلب الأقليات الحاكمة في العالم. شيعة العراق الأغلبية المسحوقة لاشك في إن الاكثرية الساحقة في العراق هم اتباع أهل البيت من الشيعة وهم الأكثرية الوحيدة في هذا العالم التي عوملت وكأنها أقلية مسحوقة. وتعرضت هذه الأكثرية إلى الوان من التنكيل والتقتيل ومسخ الهوية وتشويه الاصالة واتهامها بشتى الإتهامات التي تمس كرامتها ووجودها وعراقيتها وعروبتها من خلال حملة منظمة ومدروسة مارستها الحكومات المتعاقبة على هذا البلد الذي يحتضن اغلب مراقد أهل البيت وذات التراث والتأريخ العريقين، وبلغت ذروة هذا العداء والهجوم المنظم الذي تقوده السلطة في ظل حكومة البعث في العراق. اتهام الشيعة بالطائفية إتهام غير دقيق وإنما اُريد به تبرير حملات التشويه والقتل والإبادة. لايجوز الحديث عن الشيعة في العراق كطائفة، وليس ادعى الى الضرر والإساءة مثل وصفهم بالطائفية إلا اذا جاز ان نسمي الإسبان في إسبانيا الطائفة الكاثوليكية والإنجليز في بريطانيا الطائفة البروتستانتية، واذا كان الباحثون والصحفيون يواجهون صعوبات في الحصول على الاحصاءات السكانية وفقاً للتوزيع المذهبي والقومي في العراق، لأن الدولة تتعامل مع هذه الإحصاءات كأسرار ممتازة، فإن الجغرافيا البشرية للعراق، لاتخضع لهذا النوع من الاسرار. والشيعة في العراق كما هم في غيره لايعيشون خارج دائرة التحضر. وهذه هي النقطة الوحيدة التي يمكن إدراجها في جغرافيا الطوائف([18]). وتعرضت الشيعة إلى أقسى اساليب التصفية والإبادة وحرمت من ادنى حقوقها في المعتقد والشعائر وبلغ ارهاب السلطة الحاكمة حداً لايطاق وإستهتاراً في الإستهانة بحقوق الشيعة وتوجيه الضربة الحاقدة الى مراجع الدين من خلال عمليات القتل والإغتيال والسجون. وقد ابتكرت في اقبية الأمن العامة شعبة متخصصة في مكافحة «الرجعية» الدينية والطائفية من أجل اعتقال وتصفية كل من يطالب بحقوق المذهب المغيّبة أو يمارس حقه الطبيعي والمشروع في تأدية شعائره. والمفارقة إن الشيعي عندما يطالب بحقوقه المشروعة يسمى طائفياً بينما وقوف السلطة الحاكمه بوجه هذه المطالبات والنداءات يعتبر عملاً «وطنياً». إن التمييز الطائفي وليس الإنتماء الطائفي هو الذي يجعل المرء طائفياً([19]). والشيعة هي اكثرية محكومة ولاتمتلك أية وسائل للدفاع عن حقوقها وهويتها، وبقيت تحت سيطرة السلطة الحاكمة وهي تدفع ضريبة إنتمائها للمذهب الحق. واضح إن الذي ينهض بمهمة التمييز ان يكون بمركز القوة أي أنه يمتلك إمتيازات عامة قابلة للتوزيع فيتصرف في توزيعها بطريقة متميزة. وطبيعي إن السلطة هي اكبر الإمتيازات، وإن الدولة بإعتبارها مؤسسة المؤسسات هي القوة الإساسية التي تمتلك القدرة والحق في صناعة القانون والمراكز وبها حق توزيع الأراضي ومنح الإمتيازات للناس. ومعروف إن السلطة في العراق متمذهبة وحين تتمذهب السلطة فهذا يعني وجود مذهب حاكم ومذهب محكوم، الأول يمتلك الدولة ـ المؤسسة ـ الجيش ـ القانون ـ الخزينة ـ المركز، والآخر لا يمتلك إلا ما يعطيه المذهب الحاكم([20]). الاقلية الحاكمة في العراق ـ أو قل العصابة الحاكمة ـ تحاول ضم الاكراد في القياسات السكانية لمواجهة الشيعة العرب من اجل موازنة مخطوئة وذلك إن الأكراد قد تعرضوا إلى أسوأ نماذج التمييز العنصري في التأريخ الحديث وارتكبت بحقهم ابشع المجازر في حلبچة وعمليات الانفال من قبل النظام الحاكم ولو استثنينا نسبة الاكراد من تلك الاقلية الحاكمة فتصبح نسبتها ضئيلة جداً من السكان في العراق ومع ذلك فهي لا تكترث إلى الإهمال والإغفال المقصود للإغلبية وحقوقها ومعتقداتها وشعائرها. ومن المؤسف إن ورقة الطائفية التي يستخدمها النظام من أجل اضطهاد الأغلبية من الشعب العراقي لاقت ترحيباً في الاوساط الاقليمية الحكومية ذات الأغلبية «السنية» وقامت اغلبها بدعم هذا النظام الجائر مادياً ومعنوياً ووظفت إمكانيات البترول والإعلام في خدمة معركته الداخلية مع الأغلبية من أبناء شعبنا ومعركته المفروضة على جارته الجمهورية الإسلامية، وبرر الدعم الأول في المعركة الداخلية بحجة تقويض «الأصولية» التي تحاول تكرار النموذج الإسلامي الثوري في ايران وبرر الدعم الثاني بحجة منع اختراق «البوابة الشرقية»، ولم يقف هذا التوجه من الدعم والتمويل حتى جاء الغزو المرعب لدولة الكويت ليفضح الأدعاءات التي كان يطلقها النظام العراقي ويكشف زيف الشعارات «القومية» المطروحة، والمفارقة الخطيرة في هذا السياق هي إن الشعب العراقي يدفع الثمن في الحالتين، في حالة العلاقة الوطيدة بين النظام والدول الخليجية وفي حالة تردّي تلك العلاقات وانقطاعها ومازال الشعب العراقي بما فيه الأغلبية الساحقة يدفع فواتير الحربين المدمرتين اللتين شنهما النظام العراقي على ايران والكويت ومازال يتحمل الضريبة الباهضة لقرارات الحصار والاذلال والتجويع والتي ساهم الرئيس العراقي بشكل مباشر في فرضها على شعبه المظلوم. الأقليات في ظل الحكم الإسلامي لقد حظيت الأقليات الدينية والعرقية في ظل الإسلام بأعلى درجات الرعاية والإحترام وبلغت حداً قد فاق ماتحظى به الأغلبية في اغلب بلدان العالم. والتجربة الإسلامية للحكم الإسلامي في ايران أثبتت بوضوح هذه الحقيقة الساطعة برغم ما يثار على الجمهورية الإسلامية من انتهاكات لحقوق الأقليات في سياق الدعاية الغربية المنظمة للنيل من سمعة النظام الإسلامي الذي لايخضع للغرب أو الشرق، اذ لايمكن التعتيم والتضليل على ما تعانيه الأقليات من الممارسات الحكومية لاسيما وإن العالم قد تحول إلى قرية في ظل التطورات الهائلة في التقنية والتكنولوجيا وثورة المعلومات. قد إهتمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إهتماماً بالغاً بمسألة الأقليات وحقوقها في الحياة الكريمة والرأي والمعتقد والممارسة الرائعة لطقوسها وحقها في الإنتخابات والترشيح. في إيران تتجسد الأخوة الوطنية بأجلى صورها وتسودها حالات الوئام والإنسجام ولم تلحظ في الإداء السياسي القيادي ادنى تمييز بين جميع الطوائف الإيرانية حيث لم نشهد في هذا السياق إن مسجداً لابناء السنة قد طوق أو زرع بشبكة من الجواسيس لصالح الدولة كما رأينا في مساجد الشيعة في بعض الدول العربية، وقد التقينا مع شخصيات ورجال المذهب السني في مؤتمرات عديدة وفي معرض الكتاب مؤخراً ووجدنا العشرات بل المئات من ابناء السنة وهم يمارسون حرياتهم بشكل واضح وملفت فلا رقابة على حديثهم أو على الكتب التي يجلبونها ومعظمها من مصادر السنة وتحدثنا معهم في مسائل عديدة فكانوا يدافعون بقوة وثقة عن القضايا التي يعتقدون ويؤمنون بها دون إعتراض من أحد أو إمتعاض، ويتحدثون عن افكارهم بحرية تامة وكأن المذهب الذي يعتمد في الجمهورية الإسلامية هو المذهب السني، كذلك لم نشهد طيلة وجودنا في إيران إن كنيسة قد دمرت أو أستبدلت بمسجد بينما مازالت ذاكرتنا تحمل مشاهد مرعبة لمسجد بابري في الهند أو مراقد أهل البيت في العراق وهي تنتهك من جنرالات العسكر كما حدث في انتفاضة الشعب العراقي في آذار عام 1991م. القرار في الجمهورية الإسلامية يخضع لقنوات عديدة تساهم في بلورته وفق رؤى مستمدة من مصادر الشريعة والدستور الأمر الذي يحفظ حقوق الأقليات ويصونها من الظلم والقهر والتجاوز. وتأسيساً على هذا فأن الأقليات في ايران لم تتعرض إلى أي نمط من أنماط الإضطهاد والقمع وهذا الأمر يدعو الى الفخر والإعتزاز بالحاكمية الإسلامية وقيادة الولي الفقيه العادل، الذي عاشت الأقليات الدينية والقومية في ظله بمنتهى الأمان والإطمئنان وهي تمارس شعائرها وطقوسها وحرية القضاء في الأحوال الشخصية وحرية دراسة المعالم الدينية للمذاهب في المدارس الرسمية التي ترتادها أكثرية مذهبية وكذلك حرية تأسيس المدارس الدينية الخاصة وإعلان الأذان والمنابر وصلاة الجمعة بالكيفية التي تنسجم مع المذاهب المتواجدة في مناطق ايران في اجواء من الأمن والرعاية من الدولة نفسها وتهيئة مايمكن تهيئته من عوامل الإستمرارية والبقاء. ودستور الجمهورية الإسلامية قد اعترف بالحالة القومية والتعددية القومية في المجتمع الإسلامي وعالج أهم القضايا التي تمس واقع هذه الأقليات ويمكن الإشارة إلى بعض بنود الدستور: ـ المادة الحادية عشرة: «بحكم الاية الكريمة «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» فان المسلمين هم أمة واحدة وعلى حكومة جمهورية ايران الإسلامية إقامة سياستها العامة على قاعدة إئتلاف واتحاد الشعوب الإسلامية. وان تواصل جهودها من أجل تحقيق وحدة العالم الإسلامي السياسية والإقتصادية والثقافية». ـ المادة الثانية عشرة: «الدين الرسمي لايران هو الإسلام والمذهب الاثنى عشري. وهذه المادة غير قابلة للتغيير الى الأبد والمذاهب الإسلامية الأخرى سواء الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي تتمتع بإحترام كامل، واتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسيمهم الدينية حسب فقههم وتتمتع هذه المذاهب برسمية في التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج، الطلاق، الارث، الوصية) والدعاوى المرتبطة بها في المحاكم. وكل منطقة يتمتع فيها أتباع هذه المذاهب بأكثرية، فان المقررات المحلية لتلك المنطقة تكون وفق ذلك المذهب في نطاق صلاحيات مجالس الشورى المحلية مع حفظ حقوق سائر المذاهب الاخرى». ـ المادة الثالثة عشرة: «الايرانيون: الزرادشت واليهود والمسيحيون هم الأقليات الدينية الوحيدة المعروفة التي تتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية والعمل وفق مبادئهم في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية». ـ المادة الرابعة عشرة: «بحكم الآية الكريمة: «لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحبّ المقسطين» فإن على حكومة جمهورية ايران الإسلامية وعلى المسلمين أن يعاملوا غير المسلمين بالاخلاق الحسنة والقسط والعدل الإسلامي، وإن يراعوا حقوقهم الإنسانية، هذه المادة يجري مفعولها بحق الذين لا يتآمرون ضد الإسلام وجمهورية ايران الإسلامية». ـ المادة الخامسة عشرة: اللغة والخط الرسميان للشعب الإيراني: هما الفارسية ويجب أن تكون الوثائق والمكاتبات والمتون الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة والخط ولكن يسمح الإستفادة من اللغات المحلية والقومية في الصحافة ووسائل الإعلام العامة وكذلك تدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية». ـ المادة السادسة عشرة: «لأن اللغة العربية هي لغة القرآن والعلوم والمعارف الإسلامية ولأن اداب اللغة الفارسية متداخلة معها بشكل كامل يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الإبتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية وفي جميع الصفوف وكافة الحقول الدراسية». ـ المادة التاسعة عشرة: «افراد الشعب الإيراني متساوون في الحقوق من أية قومية أو عشيرة كانوا وان اللون والعنصر واللغة وماشابه ذلك لا يكون سبباً للتفاضل». ـ المادة الرابعة والستون: «عدد نواب الشعب في مجلس الشورى هما مائتان وسبعون نائباً وبعد عشر سنوات وفي حالة ازدياد نفوس الدولة يضاف في كل دائرة إنتخابية نائب واحد لكل مائة وخمسين الف نسمة، وينتخب الزرادشت واليهود كل منهما نائباً واحداً وينتخب المسيحيون والاشوريون والكلدانيون معاً نائباً واحداً وينتخب المسيحيون الارمن في الجنوب والشمال كل منهما نائباً واحداً وفي حالة ازدياد نفوس أي واحدة من الأقليات فانه يتم بعد عشر سنوات إضافة نائب واحد عن كل مائة وخمسين الف نسمة إضافية، القانون يحدد المقررات المتعلقة بالإنتخابات. وآخر فقرة في المادة السابعة والستين: «نواب الأقليات الدينية يؤدون «القسم» مع ذكر كتابهم السماوي...». بعد عرض هذه البنود المهمة في دستور الجمهورية الإسلامية يتضح الواقع الذي تعيشه الأقليات في ظل الحكومة الإسلامية وهم يشتركون كبقية افراد الشعب الإيراني في إطار القانون والمقررات ولايجدون حرجاً في اداء شعائرهم وطقوسهم وإستحصال حقوقهم القانونية في السفر والسكن وهو ما لم تحصل عليه أغلب الأقليات في بلدان العالم الثالث. وهذا يعكس إهتمام الإسلام وإستيعابه العناصر المختلفة وضمها في ظل الحكم الإسلامي الذي يولي الإنسان إهمية خاصة. فالمتتبع إلى اداء القيادة الإسلامية وخطابها الجماهيري التعبوي لايجد الا آفاقاً استيعابية وشمولية مشرقة لم تؤكد الافق الفئوي أو العنصري أو القومي برغم الدعوات الحاقدة والمستوردة التي تساهم في تأجيج النزاعات العرقية والمذهبية والطائفية بإتجاه تضعيف النظام الإسلامي. الجمهورية الإسلامية قد تعرضت إلى اعتداء غاشم وحرب عدوانية مدمرة رفعت فيها شعارات مغرضة أطلقها أدعياء العروبة من أجل إثارة الحس القومي لدى الحكومات بغية الوقوف والمساندة مع المعتدي دفاعاً عن «البوابة الشرقية» وازاء ذلك تعاملت القيادة الإسلامية في ايران بنوع من الاتزان والوعي وضبط النفس وتوجيه مسارات الأزمة بإتجاه مايسهم في تعرية المعتدي وفضح شعاراته الزائفة فلم تلجأ الجمهورية الإسلامية إلى اثارة الشعور القومي لدى القوميات الإيرانية من أجل تعبئة أكبر قدر ممكن من الحشود لمواجهة المعتدين وإنما بدأت في تعبئة الشعب بكل طوائفه وقومياته بخطاب تعبوي واع يتسم بالموضوعية والمبدئية فوقف الكردي والعربي والفارسي والتركي وبقية القوميات في خندق المواجهة ضد الغازين البغاة مسطرين أروع ملاحم الدفاع والتضحية في سبيل المبادىء والقيم والسيادة. وقد ساهمت ولاية الفقيه بإعتبارها الهرم القيادي الاعلى في الجمهورية الإسلامية وصمام أمان ضد الإنحراف والزيغ والظلم ساهمت في تهيئة الإجواء المناسبة للتعايش الإيجابي لجميع الأقليات وتوفير الحماية والرعاية لها في اطار الدين والدستور. ولاية الفقيه المتبناة في الجمهورية الإسلامية لم تنطلق من تصور فئوي أو فهم مذهبي ضيق حتى يمكن تصوره نوع من الضغط على الأقليات المذهبية والقومية من خلال الأداء والممارسة بل هي فكرة تستقي من منابع الفقه الإسلامي لمذهب أهل البيت ويمكن أن تتبناها جميع المذاهب الإسلامية أيضاً، وتجد فيها الشرعية الكاملة من منطلقاتها الفقهية حيث لاتصطدم هذه الفكرة مع أي فكرة مذهبية لأحد مذاهب المسلمين خصوصاً إذا كان الولي الفقيه ينتمي إلى قريش ويمكن أن يكون تعيينه عن طريق الخبراء تعييناً له من قبل أهل الحل والعقد على أساس فكرة بعض المذاهب الإسلامية الأخرى وتتم بيعته بعد ذلك من قبل الأمة([21]). بعدما اثبتنا عدم وجود مشكلة للأقليات في إطار النظرة الإسلامية وفي إطار الأداء القيادي والممارسة العملية في الجمهورية الإسلامية نؤكد أن حلّ مشكلة الأقليات يتم من خلال اعتماد الحكم الإسلامي باعتباره يمثل النظرة الإلهية التي تضمن حقوق الأقليات، فالكلام يكون دائراً تارة في عدم وجود مشكلة للأقليات وأخرى يكون دائراً في حل المشكلة ومن الواضح إن النظام الإسلامي قادراً على حل المشكلة. وفي هذا السياق نود التأكيد على إن الإسلام لم يميز بين المسلمين وغير المسلمين على إعتبار إختلاف الدين، كما لم يميز بين المواطنين والأجانب على أساس جنسيتهم وتابعيتهم وعليه فإنه من الخطأ الكبير الناتج عن الجهل والتضليل، زعم بعض الكتاب، إن صفة المواطن كانت للمسلمين وحدهم وإن غير المسلمين كانوا جميعاً من الأجانب بينما النصوص القرآنية وسياق السيرة النبوية المطهرة وأداء الحكم الإسلامي قد أثبت بما لا يدعو الى أدنى شك بطلان هذا الزعم وإن غير المسلمين «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» حسب القاعدة الشرعية التي أستقرت في الفقه الإسلامي. خطط ومقترحات لرقي الأقليات الأقليات بقيت متخلفة في أغلب بلدان العالم نظراً لما تعانيه من خطر التهميش والإقصاء في أغلب مجالات الرقي الحضاري وفي أغلب مجالات الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وغيرها. وأما الخطة المناسبة لإعادة شخصيتها والعمل على الإرتفاع بحضورها الإجتماعي فيمكن أن يتم بمايلي: 1 ـ التضامن والتعاون الإسلامي وتعميق الترابط وتمتينه بين الأمة الإسلامية على إختلاف شعوبها وأقطارها وتأكيد ذلك من خلال مقررات فعلية في الهيئات الدولية والإنسانية كالامم المتحدة ومؤتمر القمة الإسلامية، وإدراج الأمر ضمن بنود هذا المؤتمر ومتابعة التجاوزات والإخفاقات الحاصلة بحق الأقليات في العالم. 2 ـ ترسيم حدود الأقليات وتحديد واجباتها وحقوقها على أساس مراعاة القواعد والمبادىء الدولية في التعامل وتفعيل ملفات حقوق الإنسان سيما تلك المتعلقة بالأقليات. 3 ـ القبول بالتعددية وإحترام الرأي الآخر والدعوة للحوار الإيجابي في الأديان والمذاهب بهدف البحث عن القواسم المشتركة لتحقيق خير الإنسان ومصلحته. 4 ـ دعوة الأقليات في كل بلد تعيش فيه إلى أهمية السعي الإيجابي لكي تكون تلك الأقليات مواطنين صالحين دون إثارة الخلافات التي هي خارجة عن إطار المذاهب والأديان والمشاركة الفاعلة في تقديم النموذج المشرق للتعايش والتوحد والتفاهم. 5 ـ ضرورة إعتماد المبادىء الشمولية والموضوعية في هذا التعامل مع الأقليات مسلمة كانت أو غير مسلمة وإحترام حق الإنسان بغض النظر عن معتقده وفق الضوابط والقوانين المعمول بهما في تلك البلدان. 6 ـ عدم إعتماد الأقليات كأوراق ضغط في الصراعات الجانبية أو الحدودية بين البلدان والسعي الجاد لإبعاد تلك الأقليات من عملية التوريط في الصراعات والأزمات السياسية والعسكرية التي تحصل بين البلدان عادة. 7 ـ مطالبة المنظمات والهيئات الدولية والإسلامية والعربية في دعم ومساندة الأقليات على أساس إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. 8 ـ الإستفادة الممكنة من مبدأ الحوار بين الحضارات والأديان الذي إقترحه الرئيس محمد خاتمي بإعتبار أنّ هذا الحوار يمثل الخطوط الإيجابية في معرفة الاخر والتعاون معه، مع التأكيد على إحترام الخصوصيات العقيدية والثقافية للأقليات المسلمة. 9 ـ الإستفادة من العلاقات السياسية والإقتصادية التي تقوم بين الدول وتأكيد أهمية تحسين الظروف والأوضاع العامة للأقليات وحلّ مشاكلها دون الإيحاء بالتدخل في الشؤون الداخلية لتلك البلدان التي تحتضن الأقليات. 10 ـ تأسيس محكمة دولية لمتابعة الإعتداءات والتجاوزات بحق الأقليات من اجل حمايتها من محاولات الإستئصال والإبادة العرقية والدينية وتشكيل لجان دولية لتقصي أوضاع الأقليات في كل العالم تكون مدعومة من الأمم المتحدة. 11 ـ الإرتباط الوثيق بلجان حقوق الإنسان الدولية وتزويدها بالمعلومات اللازمة عن أوضاع الأقليات التي تتعرض للحصار والدمار. 12 ـ إبراز حقيقة الإسلام ومبادئه إمام المجتمع البشري ودوره في تأكيد كرامة الإنسان وحريته ومناهضته لكل أنواع الإضطهاد والإرهاب والتطرف والدعوة إلى تعاون إنساني شامل في إطار الحق والعدالة الإنسانية. 13 ـ عدم تحميل الأقليات تداعيات الماشكل التأريخية التي شغلت البشرية في وقت من الأوقات، وتبرئة الأقليات من جرائم لم تقترفها هي أساساً وإنما فعلها أسلافهم وتأكيد قوله تعالى «الاّ تزرُ وازرة وزر اخرى»([22]). -------------------------------------------------------------------------------- [1]- لاحظ مقالات المؤتمر الرابع للفكر الإسلامي في طهران ص402 ـ 403 معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي ط1، 1407 هـ . [2]- مجلة النور العدد 46 شوال 1415 مقالة «الأقليات وتحديات الوحدة» رفعت سيد أحمد. [3]- الحجرات: الآية 13. [4]- الإنسان الاية 3. [5]- مجلة المنطلق العدد 66 ـ 67 شوال/ ذي القعدة 1410 هـ . [6]- اولويات الحركة الإسلامية: يوسف القرضاوي ص142 مؤسسة الرسالة لبنان ـ بيروت ط13، 1412هـ. [7]- نهج البلاغة: الكتاب 53 ص426 تبويب صبحي الصالح. [8]- روائع نهج البلاغة: جورج قرداغ مركز الغدير ط2، 1417 هـ . [9]- مجلة المنطلق العدد 66 ـ 67 شوال/ذو القعدة 1410 نقلاً من العلاقات الإجتماعية في الإسلام ص323. [10]- المصدر السابق. [11]- المصدر السابق. [12]- جيران في عالم واحد، سلسلة عالم المعرفة 201 صادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ـ الكويت ص76. [13]- مستجدات الفكر الإسلامي والمستقبل ص115 ـ 116 وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، ط1، 1413هـ. [14]- المصدر السابق. [15]- العنكبوت: الآية 46. [16]- أولويات الحركة الإسلامية، يوسف القرضاوي ص179. [17]- مقالات المؤتمر السادس للفكر الإسلامي ص398. [18]- الشيعة والدولة القومية، حسن العلوي ص41 دار الثقافة ـ ايران ـ قم. [19]- المصدر السابق: ص273. [20]- المصدر السابق. [21]- الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق، محمد باقر الحكيم ص206، المنار ط1، 1412هـ. [22]- النجم: الآية 38.