أخيراً نحو الجدية، فتلقم حجراً في أفواه «أغلبية المستصغرين لشأنها «وتتيح للرئيس بوش أن يتابع مجهوده النبيل لخلق نظام عالمي جديد لحل المنازعات بالدبلوماسية المتعددة الأطراف والأمن الجماعي». وفي جريدة واشنطن بوست استعرض جون غوشكو خلفية هذه اللحظة النادرة في تاريخ الأمم المتحدة، التي أخذت تعمل فجأة بالطريقة التي صمّمت المنظمة لكي تعمل بموجبها، فتحولت إلى وسيلة للسلام العالمي «بعد سنين من رميها بالفشل واعتبارها منبراً لشعوذة العالم الثالث خلال المنافسة الطويلة أيام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائه». إن التصور الأصلي للأمم المتحدة باعتبارها قيّمة على عالم يسوده السلام «قد حيل بينه وبين التحقيق، منذ البداية، بفعل الحرب الباردة المريرة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. في تلك السنين الأولى كانت صورة الأمم المتحدة التي انطبعت في وعي العالم هي صورة سفراء سوفيات عابسين وهم يُدلون بأصوات النقض أو يخرجون غاضبين من اجتماعات مجلس الأمن»، في حين حول الأعضاء الجدد من العالم الثالث «الجمعية العامة إلى منبر لإلقاء الخطب الطنانة في مناهضة الغرب... من ثم، وقبل زهاء سنتين، أخذ يسود التغيير نتيجة ما حدث في السياسة السوفيتية الخارجية من تغييرات تتجه نحو الوفاق». وأضاف ديفيد بروردر، كبير المعلقين السياسيين في الجريدة المذكورة موافقته على هذا قائلاً: «في خلال السنين الطويلة من الحرب الباردة جعل الفيتو السوفياتي، والعداء الذي يبديه عدد من دول العالم الثالث، من الأمم المتحدة موضوعاً للاحتقار لدى كثير من السياسيين والمواطنين الأمريكيين. أما في مناخ اليوم المتبدل فقد أثبتت المنظمة أنها أداة فعالة للزعامة العالمية وأنها يمكن أن تكون مؤسسة بوسعها أن تحقق السلام وحكم القانون معاً في المناطق المضطربة».