ـ(172)ـ روح الله في غلاف من الطين، ففيه العنصر السماوي والعنصر الأرضي، ومن حيث هو ذكر أو أنثى لكل منهما تكوينه ونزعاته ووظيفته، ومن حيث هو عنصر في المجتمع، لا يستطيع ان يعيش وحده ولا ان يفنى تماما في المجتمع، ولهذا تصطرع في نفسه عوامل الأنانية والغيرية)(1). أما الدكتور عبد الكريم زيدان فيتناول الجانب الدعوي للواقعية ويسهب في بيان ذلك، وملخصه: ان الناس بأشواقهم الروحية وبنوازعهم الأرضية يتفاوتون من فرد إلى آخر في الاستعداد لبلوغ المستوى الرفيع الذي يرسمه الإسلام، فجعل الإسلام خطا أدنى لقبول العمل وهو فعل الواجبات وترك المحرمات، وهذه تقع في مقدور الإنسان ولا تتعارض مع واقعه البشري، ولكنه ـ أي الإسلام ـ يفتح للارتقاء عن طريق المندوبات والفضائل وكذلك بترك المكروهات وسفاسف الأمور، وذلك لأنه واقع بعض الناس يقتضي هذا المجال السامي للوصول إلى الكمال البشري الأعلى(2). ولا تقف واقعية الإسلام عند هذا الحد وهو وضعه مستويين للكمال، أدنى وأعلى، وإنّما تتعدى إلى إيجاد المخارج المشروعة للمسلم في أوقات الشدة والضيق والحرج وهي الرخص وفقا للقاعدة الشرعية(الضرورات تبيح المحظورات)(3). ومغزى الدكتور زيدان من هذا الكلام ان على الداعية ان يراعي الواقع الإنساني، فلا يطلب من المدعو أكثر من الحد الأدنى، إلا ان كان يرى لديه شوقا ______________________________ 1 ـ الخصائص العامة للإسلام، ص 157 ـ 158. 2 ـ أصول الدعوة: ص 70 ـ 71. 3 ـ أصول الدعوة: ص 73.