ـ(549)ـ التمييز المخالف للحق هو الذي يتيح لفئة من الناس ان تسيطر على دفة الحكم وتنعم في الحياة ثم تمنع ذلك عن بقية الناس، وتلك هي (الطبقية السياسية). والطبقية ليست دائما وليدة (الطبقية التجارية) بل قد يكون الأمر معكوساً، (فالطبقية الحزبية) قد تكون أبشع وأخطر من (الطبقية التجارية) كما هي الحالة في الأنظمة التي تسيطر فيها فئة من الحزبيين على مصير الناس في كل شيء من مهد الحضانة وحتى حضرة القبر.. والطغيان الطبقي ليس مجرد ممارسة شيطانية، بل هي نظرية شيطانية أيضاً.. فالفكرة التي تمده لإقامة نظام الطغيان الطبقي ينبغي ان تكتشف أولاً كي يمكن أدانتها ومن ثم إزالتها من المجتمعات الإنسانية. وان افضل دليل على بشاعة (الطبقية الحزبية) هي ان من يعيش ظلمها ينظرون إلى (الطبقة المالية) وكأنها الجنة المفقودة، ويتمنون من صميم أنفسهم لا يخرجوا من النظام القائم على (الطبقة الحزبية) إلى (الطبقة المالية) لأن الحاجة إلى الشعور بالإنسانية ليست أقل من الحاجة إلى الخبز في نفس الإنسان. ولاشك ان الأديان السماوية، ورسالات الأنبياء وجهادهم الطويل كان لـه ابلغ الأثر في تقليل الفوارق الاجتماعية، وإقامة التعاون والتعاطف فيما بين الطبقات. غير ان (الخرافات) التي كانت تكتسب القدسية عبر الزمن، وربما بدسيسة الحكام المستبدين بعض الأحيان تكرّس الظلم الطبقي، ولقد كان الأنبياء يحاربون الظلم ليس في مظهره الخارجي فحسب، بل وفي جذوره الفكرية ومنها الأفكار الخرافية.