ـ(47)ـ الأيديولوجية التي تشكّل صياغة مستوعبة لكل تطلعات الإنسان وليست تلك التي تعني بجانب خاص من هذه الحياة. وبعبارة مختصرة نقول: ان النظرة الكونية هي مجموع النظر إلى ما هو الواقع في هذا العالم، أو النظر إلى ما هو كائن وموجود، أما الأيديولوجية فهي الأفكار التي تحدد ما ينبغي أن يكون ويجب أن يتحقق. فالتصور الكوني ـ إذن ـ نظرة تصف العالم، والأيديولوجية: هي نظرة تقوّم الموجود وتحاول تطويره إلى الأفضل. بعد هذا، نتساءل عن العلاقة بينهما: ترى الرأسمالية ـ أو هكذا يبدو من موقفها عموماً ـ أن من الممكن أن نفصلهما عن بعضهما، فيمكننا أن نتغافل عن المسألة الواقعية، أي مسألة معرفة ما هو الواقع، ونضع المسألة الاجتماعية والنظام الأصلح بغض النظر عنها. ولذلك نجد الرأسمالية تبني نظامها الاجتماعي بعيدا عن أية قاعدة عقائدية. هذا هو الرأي الأول. ويرى بعض الكتاب أن المسألة الواقعية إنّما تحد من اختيارات الإنسان والبدائل الموضوعة أمامه لحل المسألة الاجتماعية، أي لا تفسح لـه المجال لاتخاذ أية أيديولوجية مهما كانت، ولكنها على أي حال تفسح المجال لانتقاء أيديولوجية أخرى ورفض غيرها، برغم أنهما منسجمتان معاً مع الأساس العقائدي. وكلا الرأيين يرفضهما المنطق الصحيح كقاعدة عامة، وكذلك ترفضهما ظواهر النصوص الإسلامية الشريفة، سواء في القرآن الكريم أو في السنّة الشريفة. وذلك لأن الأيديولوجية ـ مهما كانت ـ تستمد جذورها من تصوّر الواقع، فلا يعرف الإنسان ما ينبغي ان يكون بعد أن يعرف ما هو كائن، وما هي متطلبات الواقع. ويتأكد هذا المعنى عندما نتصور الإنسان مثلاً بألوهية الباري ـ جل وعلا ـ وبأنه تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وأن الإسلام ينظم كل جوانب الحياة، مثل هذا