ـ(418)ـ ويغلب على الظن ان هذا الترتيب الدستوري كان تطبيقاً، وتطويراً لنظام أهل الشورى الذي أحدثه عمر بن الخطاب، والذي لم يكتب لـه التطبيق كما إراده هو. وبقي نظام أهل الحل والعقد في الحدود النظرية، يتنازله المؤلفون، والباحثون، وينقله الخلف عن السلف، ولا نرى لـه مجالا في واقع الحياة الإسلامية السياسية على اختلاف العصور. ولم يعرف من هو أول من أطلق هذا التعبير(أهل الحل والعقد) ولكنه يرد في مباحث الأصول عند الحديث عن الإجماع، ويرد في كتب الفقه السياسي والدستوري عند بحث موضوع الإمامة العظمى أو الخلافة، واختيار الخليفة(1). وتعددت الآراء فيمن يشكلون أهل الحل والعقد، وما هو عددهم. فقد رأى البعض انهم الفقهاء الذين يمتازون بالحصافة، وعمق الدراية والإخلاص لدين الله ويقول ابن عباس ان من يتصفون بهذه الصفات هم أولوا الأمر. ويقول الدكتور محمد رمضان سعيد البوطي: "إذا تبين لنا ان أهل الحل والعقد ليسوا إلا الفقهاء الذين بلغوا درجة الاجتهاد عرفنا من هم الذين يصنفون الناس، ويشيرون إلى أهل الحل والعقد من بينهم؛ ان القواعد التي دونها علماء الأصول، في باب الاجتهاد هي التي تعينهم وتعطيهم هذه الصفة(2). أما الإمام محمد عبدو فيقول كما يروي عنه السيد محمد رشيد رضا: انه فكر في هذه المسألة فانتهى به الفكر إلى ان جماعة أهل الحل والعقد من المسلمين، هم الأمراء والحكام ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة. ___________________________ 1 ـ المصدر السابق ص 232 وما يليها. 2 ـ المصدر السابق ص 236.