ـ(274)ـ السلطة العالية: وكانت من اختصاصات الخلفاء، وقد جعلوا عليها من ينوب منهم في الاشراف والتنظيم أسموه بـ"الخازن" أو "صاحب بيت المال" أما صلاحيات التصرف بأموال بيت المال، فقد كانت حصرا بيد الخلفاء وكان خازن بيت المال لأبي بكر أبو عبيدة، ولعثمان بن عفان مروان بن الحكم، وللإمام علي عبد الله بن رافع. وقد اشتهر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان حريصا علي بيت المال، فلم يبذخ على أحد ولم يسرف في عطاء ولم يمنع في جفاء. وكان يحصى المال بنفسه، واشتهر عنه أنه همّ ذات يوم بمعاقبة أخيه عقيل بن أبي طالب، وكان ضريرا وفقيرا معسرا، وذلك حينما طلب منه يوما ـ عقيل ـ تميزه في العطاء عن غيره، فحمى لـه علي عليه السلام حديدة وقربها من يديه ليعتبر بها، وقال الإمام عليه السلام: "فظن أني أبيعه ديني، واتبع قيادة مفارقا طريقتي". فأحميت لـه حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد ان يحترق من ميسمها، فقلت لـه: ثكلتك التواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبة، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئن من لظى"(1). وروي: ان طائفة من أصحاب الإمام علي عليه السلام مشوا إليه وطلبوا منه تفضيل الاشراف من العرب على الموالي والعجم في الأموال. فقال لهم: أتأمروني ان أطلب النصر بالجور والله لا أفضل ما طلعت شمس وما لاح في السماء نجم، والله لو كان المال لي لساويت بينهم، فكيف وإنّما هي أموالهم(2). ___________________________ 1ـ المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة، طبع جامعة المدرسين، قم 1497 هـ، ص 110. 2ـ الغارات، الثقفي، ص 75.