ـ(168)ـ الإسلام، وقد يكون بعيداً عنه بصور متفاوته. فقه الإسلام صورة عن الإسلام، وليس لـه أن يحتل محل الإسلام، ولهذا علينا أن نميز بين هذين الأمرين في مجال تصدينا لبحث الإسلام. علينا أن نميز بين الإسلام ديناً منزلاً، وبين فقه الإسلام على مر العصور، بحيث لا نظن أن فقه الإسلام لـه المناعة الموهوبة للإسلام نفسه من الله تعالى. إن الإسلام ثابت، والبشر يبعدون أو يقربون بفقههم من هذا الإسلام، ويخطئون ويصيبون في فقه هذا الإسلام، ولكن أخطاءهم لا تحسب على الإسلام ولا تغير ثوابته. وحين يخطئ البشر في فقه الإسلام فإن هذا الإسلام يظهر خطأهم، وحين ينحرفون عنه فإنه يكشف انحرافهم، وهذا ما حصل في التعقيب القرآني على مواقف الجماعة المسلمة في غزوة أحد، والتي صاحبت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، والتي تمثل أكرم رجال الأمة على الله، وهي حقيقة، وحقيقة نافعة لنا نتعلم منها أن تبرئة البشر لا تساوي تشويه الإسلام، ومن الخير أن يبقى الإسلام سليما معافى، وان يوصف المخطئون بالوصف الذي يستحقونه ـ أيا كانوا ـ وإلا تسوغ أخطاؤهم بتشويه الإسلام. فالإسلام أكبر وأبقى من البشر. الإسلام منهج ثابت تدور حوله حياة البشر، وبقدر فقههم لهذا الإسلام وبقدر تطبيقه بقدر ما نستطيع أن نصفهم به. وبقدر ما تكون الوحدة الإسلامية بينهم. أعن كشف الخطأ أو التقصير في فقه البشر للإسلام، لا يعني وبأي حال من الأحوال أنه كشف لخطأ أو قصور في الإسلام. إن الإسلام لا يعطي الجمال والكمال لأحد من البشر بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، ولكننا معشر البشر والمسلمين ـ في الواقع ـ نعطي الكمال للبشر وهم لا يطلبون ذلك ويصعب علينا أن نرى الشخصية التي نجلها تصيب وتخطئ في آن واحد، كما يصعب علينا القول: هذا الرأي والفقه من قولـه صواب، وهذا خطأ.وكأننا