ـ(527)ـ وهذا لا يخالف تخصيص الكتاب بالسنّة الصحيحة وتقييده وتعميمه بها لأنّ السنّة بيان لـه. 3ـ إثبات الحكم الشرعي بالأخبار المرويّة عن الحجج عليه السلام موقوف على مقدّمات ثلاث: الأُولى كون الكلام صادراً عن الحجّة، والثانية كون صدوره لبيان حكم الله تعالى لا على وجه التقيّة وغيرها، والثالثة ثبوت دلالتها على الحكم الشرعي(1). ولا يخفى أنّ من قام بمطالعة الكتب الأربعة والصحاح الستة مطالعة تطبيقية على أصول الحديث والدراية يجد أكثر روايتها وأغلب شروط صحتها مشتركة بين السنّة والإماميّة، والمختلفات أقلّ من المشتركات، ولو تلقّينا هذه المختلفات كمختلفات المذاهب الفقهية فيما بينها، وعرضناها على شروط الصحّة وأُصول انتقاء مشتركة للأخذ والردّ في جوّ علمي أخوي سليم - كما يفعل علماء المذاهب فيما بينهم - لما وقع ما وقع بين السنّة والشيعة هذا البون الشاسع، الذي سبّب الحوادث الدموية التي يعود نفعها إلى أعداء الإسلام وضررها إلى الأُمة الإسلاميّة. ولو أجازت السنّة والشيعة تدريس كتب إحداهما ومطالعتها في مدارسهما، واستفاد طلاب أحداهما من علماء وأساتذة الأُخرى في حوزاتهما العلمية لاندفع كثير من الشبهات، ولزالت الأحقاد والتعصّبات التي لا وجه لها من القرآن والسنّة، فنرى في التاريخ أنّ مدرسة الإمام الباقر والإمام جعفر الصادق عليهما السلام مملوءة من طلاب السنّة والشيعة في المدينة المنوّرة. الإمام أبو جعفر محمّد بن علي عليه السلام كان إماماً في علم الحديث، إنّه سمع أباه زين العابدين عليه السلام وجابر بن عبدالله t وروى عنه ابنه جعفر الصادق عليه السلام وغيره وكان يُكنّى بالباقر لأنّه تبقّر في العلم أي توسّع. _______________________________________ 1ـ فرائد الأُصول.