ـ(522)ـ إفراط الغفلة وكثرة الغلط ومخالفة الثقات والوهم وسوء الحفظ. الصحاح الستّة والكتب الأربعة: المصطلحات التي مَرّ ذكرها في الصفحات السابقة لم تكن معروفة بين أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والتابعين وكذلك بين قدماء الشيعة والسنّة، ويتضح هذا لمن مارس كلامهم، وكان المتعارف بينهم أن يتلقّوا السنّة الصحيحة بما يقتضي اعتمادهم به وبما يوجب الوثوق والطمأنينة بين أهل الورع والتقوى والخشية والفقاهة والضبط، وفقهاء الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان يتورّعون في أمر نقل سنّة قد خفي عليهم مصدرها أشدّ الورع، ولذلك نراهم أقل روايةً. لمّا انقرضت الخلافة الراشدة وحلّت محلها الملوكية شاعت الأحاديث الكاذبة، وراجت الأحاديث الموضوعة والزيادة على الأحاديث الصحيحة بما تهوى إليه أنفس، ونقل الإسرائيليات أصبح دليل التبحر في العلم والحديث، والدافع إلى ذلك أسباب هي كما يلي: 1ـ انعدام الالتزام الديني عند بعض شرائح المجتمع، كالزنادقة، أو الذين لا يدينون بدين ويضعون الأحاديث استخفافاً بالدين، ليضلّوا بها الناس ؛ قال حمّاد بن زيد فيما أخرجه العقيلي: إنّهم وضعوا أربعة عشر ألف حديث. 2ـ التقرّب إلى الملوك واتّباع هواهم ؛ كما وقع لغياث بن إبراهيم ؛ حيث أتى على المهدي فوجده يلعب بالحمام، فساق في الحال إسناداً إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: لا سبق إلاّ في نصل أو خفٍّ أو حافر أو جناحٍ، فزاد في الحديث أو جناحٍ فعرف المهدي أنّه كذب لأجله، فأمر بذبح الحمام. 3ـ غلبة الجهل ؛ كبعض المتعبّدين وضعوا الأحاديث في الفضائل والرغائب ؛ قال النووي: والواضعون أقسام أعظمهم ضرراً قوم ينسبون إلى الزهد وضعوه حسبة، ونقلت