ـ(512)ـ ولا خلاف ولا كلام لأحد من الإماميّة في حجّيّته، واستدلّ الفقهاء على حكم أفعال الوضوء والصلاة والحج وغيرها وكيفياتها، لحكاية فعل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو الإمام في هذه الأمور ؛ إنّما وقع الخلاف في دلالة فعل المعصوم في موضعين: 1ـ إذا وقع فعل المعصوم مجرّداً من القرائن، فقد قال بعضهم: يدلّ على إباحة، وقال بعض آخر: يدل على الوجوب، والحقّ هو الأول، فإذا جرّد فعله من القرائن فإنّه يدلّ على أكثر من إباحة الفعل في حقّنا. وإذا صدر منه عليه السلام فعل ولم يظهر حاله في كونه من مختصّاته أو ليس منها ولا توجد قرينة تعيّن أحدهما ؛ فهل هذا يدلّ على الوجوب أو الإباحة بالنسبة إلينا؟ لاشكّ في أنّه من مختصّاته لا يتعدّى إلى غيره، ولا يشترك معه باقي المسلمين. وإذا صدر منه عليه السلام فعل لم يكن اختصاصه به فالظاهر في فعله أنّ حكمه في حكم سائر الناس، فيكون فعله حينئذٍ حجّة لنا، ولاسيّما مع ما دلّ على عموم حسن تأسٍّ به (1). كذلك حكم دلالة تقرير المعصوم إذا تحقّق بشروطه المتقدمة بما تقدّم من البيان. إنّ الإماميّة والسنّة تتفقان في أُمور وهي كما يلي: 1ـ السنّة نفسها عبارة عن قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو فعله أو تقريره. 2ـ وهي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي وواجبة الاتباع. 3ـ وأفعاله صلّى الله عليه وآله وسلّم الجبلّية وما يختص به وأفعاله الدنيوية البحتة التي لا وحي فيها ليست بسنّة. 4 ـ والسنّة بيان للقرآن وشرحه. وتختلفان في توسيع السنّة فقد وسّعتها الإمامية إلى أقوال آل البيت عليهم السلام وأفعالهم _______________________________________ 1 ـ خلاصة من أصول الفقه: 57 - 60، المظفر، مباحث الحجج، السنّة.