ـ(483)ـ ?... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى... ?(1). وهكذا ينبغي أن يطالع كلّ مسلم حياة أهل البيت وأصحاب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ويعتبر منها، ومن الطبيعي أن يفرح بالمواقف المفرحة، كما أنّه يحزن وأحياناً يبكي حين يمرّ على ما أصابهم من الظلم والدمار وما عانوه من أعدائهم، وهذا شيء يلائم النفوس المنفتحة والمتعاطفة مع ما يردها عند ذكر الأحداث الواقعة طيلة التاريخ؛ وأخصّ ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام ضحيّة الإسلام والإنسانية الذي أحيا بدمه المقدّس الإسلام وصانه من الانحراف والانهيار كما روي عنه أنّه قال: "لو كان دين محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يستقم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني". ومضافاً إلى الأدلة العقلية والنقلية العامّة على مطلوبية مراجعة حياة الأبطال والتأثر المناسب من تلك المواقف، قد روي عن طرق الشيعة والسنّة ما بلغ حدّ الاستفاضة لولا التواتر عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قد نبّأ عن استشهاد حفيده الحسين، وذكر مقتله وبكى من حوله من أهل البيت والأصحاب، والرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم هو القدوة العليا لكلّ المسلمين. فمسألة إحياء ذكرى مقتل الحسين وبطولاته ومواقفه الحماسية والبكاء عليه ممّا لا يعتري سنده شكّ على المراجع الفاحص عن أدلّتها، وإنّما الكلام في الأساليب الدارجة في أوساط الشيعة من إقامة العزاء على مقتله عليه السلام هل هي بدع مخترعة منتسبة كذباً وزوراً إلى الدين، أو هي أساليب دارجة اتخذها المسلمون لتطبيق تلك الكبرى حسب العادات والأذواق وتختلف في كلّ قطر وصقع كما تتطوّر جيلاً بعد جيل؛ فليس أحد من الشيعة يقول إنّ اللطم أو إنشاد أناشيد وأشعار معيّنة أو إنّ أسلوباً خاصّاً من أساليب مراسم العزاء وإقامة المآتم هي بعناوينها سنن إسلامية، بل كلّهم يعترفون بأنّ ذلك كلّه _______________________________________ 1 ـ سورة الشورى: 23.