ـ(478)ـ المودّة لـه بالفحوى، ومن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، وهكذا قد أوجب الله علينا الصلاة على نبيّنا في كلّ يوم وليلة في صلواتنا للفرائض والنوافل، ولو لم تكن هذه النصوص والمؤشرات الكثيرة لإثبات وجوب المودّة والحب للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لكفانا حكم العقل بذلك، وهكذا يجب علينا إحياء ذكراه في أوساطنا وقلوبنا وقلوب أبنائنا، ثمّ نتطلّع إلى الاحتفال بمولده صلّى الله عليه وآله وسلّم ونقول: إنّ الاحتفال هو مصداق لإظهار المحبّة وتطبيق للكبرى التي توجب علينا إحياء ذكره وإظهار حبّه وودّه، مثلما يبارك كلّ إنسان ذكرى النعم الواردة عليه من ولادة مولود ونيل حرية واستقلال أو تأسيس حكومة أو... وليس من المسلمين مَنْ ينسب الأسلوب الخاص لإقامة الاحتفال إلى الشرع؛ بأن يقول: إنّ أكل حلوى معينة أو إنشاد شعر وأغنية ما أو تزيين شارعٍ أو مسجدٍ ما هو من سنّة الرسول أو من الدين كي نقول: إنّه ابتدع واخترع ما ليس من الدين ونسبه إليه. نعم على جميع المسلمين أن يختاروا أساليب سائغة لتطبيق الكبريات الدينية، فمن يريد الاحتفال بمولد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وإظهار الفرح والسرور بهذه النعمة العظيمة فلا ينبغي لـه أنّ يرتكب المحرّمات، من الرقص والأغاني المطربة والمجون، ولا يجوز اختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك، لأنّ هذه الأُمور - ولو لم تعتبر بدعة في الدين حيث إنّ المرتكب لها لم ينسبها إلى الدين - محرّمات لا يجوز ارتكابها خصوصاً عند إرادة إطاعة الربّ جلّ وعلا(1). ومن هذا الباب الصلاة على النبيّ بعد ذكره في الشهادة الثانية في الأذان، فإنّها ليست من الأذان ولا يجوز أنّ يؤتى بها كجزء من الأذان، ولكن تلبية لكثير من الروايات الواردة حول الصلاة على النبيّ عند ذكر اسمه الشريف ولها إطلاق يشمل الأذان وغيره، قد نصلّي عليه في الأذان أيضاً كما قد نقول بعد تكبير الأذان: "جلّ جلاله وتمّ نواله" وكلّ _______________________________________ 1 ـ قد ألفت في هذا الموضوع كتب وكراسات كثيرة مستدلة بالروايات والآيات.