ـ(42)ـ ظاهر النصّ متأبياً عنه، وهذا كأغلب أصحاب المذاهب الفاسدة والآراء الكاسدة، يحاولون تسويغ عقائدهم المنحرفة بتطبيقها على ما أمكن من ظواهر النص المحتملة، ومن ثمّ يتجهون في الأكثر نحو الآيات التي بظاهرها متشابهة، فيتبعونها ابتغاء تأويلها وتصريفها إلى حيث مراميهم السيّئة تمويهاً على العامة. ومن ثمّ نرى كثيراً من أصحاب القول بالجبر والقدر حاولوا التمسّك بظواهر آيات، فحرّفوا وتصرّفوا في معانيها، وهذا هو التحريف في المعنى والتفسير. وإن كثيراً من الآيات، التي تشبث بها هؤلاء لم تكن متشابهة من قبل، وإنّما عرض عليها التشابه بصنيع أصحاب الجدل في الكلام، ومحاولات بذلت فيما بعد بصدد تبديل مفاهيمها وتحريف معانيها. نعم قد لا يكون هناك غرض سوء، لكن الغباوة الذاتية دعت بأُناس حملوا القرآن على معانٍ تتوافق مع أهدافهم عن حسن نيّة، وهذا في أكثر الوعاظ والناسكين الذين حاولوا تنفيق بضائعهم المزجاة- في سبيل الوعظ والإرشاد- بمرافقة آيات فسّروها على غير وجهها، أو وضعوا أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله بهتاناً وزوراً، زاعمين انّهم قد كذبوا لـه ولم يكذبوا عليه. فالصوفي يشير إلى قلبه، ويتلو قولـه تعالى: ?اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى?(1). مؤولاً الفرعون الطاغية إلى طغيان القلب وهوى النفس الغالبة. كلّ ذلك ممنوع، لأنّه قول على الله بغير علم وافتراء عليه، حتى ولو لم تكن النية سيئة، لأن الهدف لا يسوغ الوسيلة في الإسلام، فلا تجوز الكذبة حتى ولو كان الهدف رواج الإسلام، حيث الإسلام في غنى عن الكذب والتزوير. _______________________________________ 1 ـ سورة طه : 24 .