(أي ألا يتخلل بينهما فاصل من يقين آخر) وسبق اليقين على الشك(1). فيكون الاستصحاب حجة عند أكثر العلماء من السنة والشيعة؛ لان ما فطر عليه الناس وجرى به عرفهم في عقودهم وتصرفاتهم ومعاملاتهم أنهم إذا تحققوا من وجود أمر، غلب على ظنهم بقاؤه موجوداً، حتّى يثبت لهم عدمه، وإذا تحققوا من عدم أمر، غلب على ظنهم بقاؤه معدوما، حتّى يثبت لهم وجوده(2). قال العلامة محمّد تقي الحكيم(3). والذي يبدو لي أن الاستصحاب من الظواهر الاجتماعية العامة التي ولدت مع المجتمعات ودرجت معها، وستبقى ـ ما دامت المجتمعات ـ ضمانة لحفظ نظامها واستقامتها، ولو قدر للمجتمعات أن ترفع يدها عن الاستصحاب لما استقام نظامها بحال. وفرع العلماء على الاستصحاب المبادئ الشرعية الكلية التالية(4). وهي: «الأصل بقاء ما كان على ما كان، حتّى يثبت ما يغيره» و«الأصل في الأشياء الإباحة» و«الأصل في الذمة البراءة من التكاليف والحقوق» وهو استصحاب البراءة، و«اليقين لايزول بالشك» أي لا يرفع حكمه بالتردد، لكن الامام مالك لا يجيز الصلاة مع الشك بالطهارة، ويوجب الوضوء؛ لأنه وإن كان الأصل بقاء الطهارة فإن الأصل أيضا بقاء الصلاة في ذمته. الخلاصة: يتبين مما تقدم أن هناك جسور التقاء كثيرة بين المذاهب الإسلاميّة من سنة وشيعة سواء في مجال المصادر أو في مجال التفريعات أو الفروع والتطبيقات الفقهية، مما