«إعلم أن الذريعة كما يجب سدها، يجب فتحها، وتكره وتندب وتباح، فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب كالسعي للجمعة والحج...» فإذا أدت الذريعة إلى قربة وخير أو عمل مبرور كانت مطلوبة، لأن المصلحة مطلوبة، وإذا أدت إلى ممنوع هو مفسدة أو مضرة كانت ممنوعة، لأن المفاسد أو المضار ممنوعة. ويكون حكم الذريعة أو الوسيلة ـ كما ذكر القرافي وابن القيم وجماعة ـ حكم ما أفضت إليه من تحريم أو تحليل، والوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة؛ فإذا كان الجهاد فريضة فكل الأعباء والمتاعب المؤدية إليه يكون المجاهد مثابا عليها، لقولـه تعالى ?ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله، ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار، ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح..?(1). وبما أن الفاحشة حرام، يكون النظر إلى عورة الأجنبية حراماً، لأنه يؤدي إلى الفاحشة. وتكون وسيلة المحرم محرمة، ووسيلة الواجب واجبة، وهذا مبني على القاعدة المشهورة المقررة عند جماهير العلماء وهي مقدمة الواجب: «مالايتم الواجب إلاّ به فهو واجب». وقد اعتبر الإمامان مالك وأحمد مبدأ الذرائع أصلاً من أصول الفقه(2)، سواء تعينت الوسيلة للغاية أم لم تتعين، ويتفق أكثر الفقهاء على الحالة الأولى. قال ابن القيم(3).