كليات مبدئية(1) تقرر ضرورة الانتباه إلى مصلحة عامة تتفق مع جنس مصالح التشريع التي بنيت الأحكام عليها، أو تراعي ما تتفق عليه الأمة مما هو ملائم للشرع، عملاً بالقاعدة أو الأثر المروي عن عبدالله بن مسعودt: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح » وهذه المصادر كما حقق علماء السنة لا تصلح أن تكون أدلة مستقلة في مقابل الكتاب والسنة، وإنّما هي قواعد كلية. وبذلك يتفق علماء السنة والشيعة على هذا الاتجاه العام وهذا ما أيده بعض علماء الشيعة(2). وحكم العقل في التكاليف الشرعية مقبول في المذاهب الإسلاميّة إذا كان بناء على ما جاء به الشرع من عموميات، ولم يرد نص بالتحليل أو بالتحريم، فإذا كان في شيء مصلحة، ولم يرد نهي عنه، وكان خالياً من الفساد، فهو بحكم العقل مباح، وعكس ذلك إذا كان في شيء مضرة كتعاطي المخدرات، ولم يرد نص بتحريمه، كان بحكم العقل حراماً؛ لأن الله لا يرضى لعباده الضرر، ولايريد الفساد. أما حكم العقل المقابل للكتاب والسنة بوصفه دليلاً مستقلا عنهما على أنّه مدرك لا حاكم، فهو مقبول عند الشيعة الإمامية والزيدية، مرفوض عند علماء السنة(3). ويحسن استعراض المصادر التبعية لا لتماس بعض وجوه الوفاق والالتقاء بين السنة والشيعة عملا، وان لم يصرح به نظريا. أولا: الاستحسان: اشتهر الحنفية بالأخذ بالاستحسان، وأيدهم المالكية والحنابلة حتّى قال الإمام