سجد له أبوه واخوته، وتحقق تأويل رؤياه بنفس ذلك العمل قال سبحانه حاكيا عن لسان يوسف ]... إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين[(1). كما يحكي تحققه بقوله سبحانه ]ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا...[(2). انه سبحانه أمر جميع المسلمين بالطواف بالبيت الذي ليس إلاّ حجراً وطينا كما أمر بالسعي بين الصفا والمروة، قال سبحانه: ].. وليطوفوا بالبيت العتيق[(3) وقال سبحانه: ]إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو أعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما...[(4). فهل ترى أن الطواف بالتراب والجبال والحجر عبادة لهذه الأشياء بحجة انه خضوع لها أن شعار المسلم الواقعي هو التذلل للمؤمن والتعزز على الكافر، قال سبحانه ].. فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين...[(5) فمجموع هذه الآيات وجميع مناسك الحج، يدلان بوضوح على أن مطلق الخضوع والتذلل ليس عبادة ولو فسرها أئمة اللغة بالخضوع والتذلل، فقد فسروها بالمعنى الأوسع فلا محيص عن القول بأن العبادة ليست إلاّ نوعا خاصا من الخضوع، ولو سمي في بعض الموارد مطلق الخضوع عبادة فإنما من باب المبالغة والمجاز، يقول سبحانه ]أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً[(6) فكما أن الأله اسم أطلاله على الهوى مجاز فكذا تسمية متابعة الهوى عبادة لها ضرب من المجاز. ومن ذلك يعلم مفاد قولـه سبحانه ]ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم[(7).