الدنيوية، ولكن إذا استعان بإنسان حي فيما يرجع إلى الأمور الغيبية، كردّ ضالته وبُرء مرضه فهل هو استعانة تخالف الحصر المذكور في الآية أولاً؟ وهناك صورة ثالثة أبهم من الصورة الثانية وهي إذا استعان بمّيت بنحو من الأنحاء كما إذا طلب منه الدعاء والاستغفار في حقه فهل هي استعانة تخالف الحصر أولا؟ وقس على ذلك بعض ما يرد عليك من الصور المرددة بين العبادة والتكريم أو بين الاستعانة الجائزة والمحرمة. ولا جل القضاء الصحيح في الموضعين نبحث في المقامين: 1 ـ تحديد العبادة حتّى تتميز عن التكريم والتبجيل. 2 ـ تحديد الاستعانة المحرمة وفصلها عن الاستعانة الجائزة. كلّ ذلك في ضوء القرآن الكريم. تحديد العبادة تحديداً منطقياً: بالرغم من عناية اللغويين بتفسير لفظ العبادة وتبيينها لم يأتوا بشيء يشفي الغليل وذلك لأنهم فسروه بأعمّ المعاني وأوسعها مما ليس مرادفاً للعبادة طرداً وعكساً: 1 ـ قال الراغب في المفردات، العبودية: إظهار التذلل، والعبادة ابلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلاّ من له غاية الافضال وهو الله تعالى ولهذا قال: العبادة آن لا تعبدوا إلاّ إياه... 2 ـ قال ابن منظور في لسان العرب: أصل العبودية: الخضوع والتذلل. 3 ـ قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط العبادة: الطاعة. 4 ـ قال ابن فارس في المقاييس: العبد الذي هو أصل العبادة له أصلان متضادان والأول من ذينك الاصلين يدل على لين وذل والآخر على شدة وغلظ.