الفارسية عدة معادلات منها "جهاني شدن" أي العولمة، و"جهاني سازي" أي بناء العالمية، و"سياره اي شدن" أي الكوكبية، و"جهانكير شدن" أي العالمية أو الشمول العالمي؛ حتى اجتمعت آراء الكتاب والمفكرين حول مفردة "جهاني شدن" أي العولمة. لقد أجمع معظم المفكرين الذين كتبوا في هذا المجال على أن المنبت الأول للعولمة وإثارتها في الأروقة الفكرية هو مسألة تقارب المجتمعات البشرية على الصعد الإقتصادية والمالية. فالعولمة وفق هذا الفهم، إنطلقت من أرضيات اقتصادية وبهدف توحيد الإقتصاد العالمي، واستخدمت باقي الحقول المعرفية والعلمية لتصب لصالح هذه العملية. السياسة والثقافة من الحقول التي تفاعلت بسرعة كبيرة مع هذا التيار العالمي، وقدمت مواضيعها لتبحث وتناقش من قبل المختصين. ونظراً لاتساع النقاشات على هذا الصعيد اليوم، وبالرغم من عدم توفرها على مرتكزات نظرية متماسكة، نواجه تعاريف متعددة للعولمة شأنها شأن غيرها من المفاهيم الإجتماعية. وبنحو الإجمال ربما أتيح رصد قاسم مشترك بين كل هذه التعاريف هو أن العولمة ثمرة اتساع وتسارع العلاقات والتعامل بين المجتمعات والحكومات في الميادين الإقتصادية والسياسية والثقافية. النقطة الجديرة بالذكر في هذا المضمار هي أنه على الرغم من أن ثورة الإتصالات والتنامي الخارق لمختلف وسائل الإعلام في عصر الحداثة، لا يمكن أن تعد نقطة الإنطلاق الأولى لعملية العولمة، ولكن يتوجب الإذعان أن الإتصالات كانت منذ القدم وإلى اليوم صاحبة دور أساس في عولمة الأفكار الإنسانية. إن المائز الأهم بين العهد المعاصر وزمن مثل زمن ازدهار الحضارة الإسلامية أو ما سبقه، يكمن في السرعة والإتساع الفائق للإتصالات في العصر الراهن. والواقع أن التحولات السريعة الواسعة في تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات راهناً، أكسب السياق القديم للعولمة سرعة كبيرة جعلتها تظهر بشكل موضوع جديد ومختلف أمام المراقبين والمعنيين بالشؤون الدولية. وحسب هذه الرؤية، ليست العولمة ظاهرة جديدة تدعو إلى القلق، إنّما هي حالة لها جذورها القديمة بمقتضى الفطرة البشرية، إكتسبت وتيرة متسارعة بشكل مذهل خلال الفترة الراهنة بفعل التقنيات التي أبدعها الإنسان. مع أن عدداً كبيراً من المفكرين يتبنون هذه الرؤية ويرونها صائبة، بيد أن عدداً آخر منهم لم يستطع التحرر مما سببته له العولمة من قلق حتى مع إذعانه لصحة الفكرة أعلاه، حيث تبدّت العولمة تياراً عارماً يختلف عن كل ما شهده التأريخ البشري من حالات مماثلة لحد الآن. وما ضاعف من شدة القلق هو الشعور بأن هذا التيار موجه من قبل جماعات معينة لأغراض