رغم أن العولمة تعد ظاهرة قديمة سواءً كانت فكرة أم حقيقة اجتماعية، إلا أنها تعد بمفهومها المعاصر ظاهرة جديدة تماماً، وفي الحقيقة هي المنطلق لتبلور مرحلة جديـدة (آلبرو(1 )، 1996) من تأريخ البشرية. إن العولمة بمفهومها المعاصر هي ثمرة لظهور "صناعة الاتصالات العالمية"(2 ) (عنصرا a 2002، b2002). هذه الصناعة ولدت نوعاً جديداً من "الاتصالات المجازية"(3 ) الناتجة عن "الاتصالات الفورية أو المتزامنة"(4 ). لقد تضاءلت أهمية عاملي الزمان والمكان في أجواء الاتصالات الجديدة وأصبح القرب والبعد بلا أهمية في تحقق الاتصالات المحلية والعالمية. إن صناعة الاتصالات أوجدت عن طريق التلكس والهاتف والفاكس والاذاعة والتلفزيون والسينما وبالتالي الانترنت، عالماً جديداً يوازي العالم الحقيقي وهو عالم لا حدود له ولا مكان(5 ). وبعبارة أدق هو عالم مجازي.(كيندي وكوهن(6 )، 2000). إن هذا العـالم الجديد صار بمعية العالم الحقيقي سبباً لـ " لتعددية العولمات"(7 ). (برغر وهانغينتون، 2002) وحصول تغييرات اجتماعية وسياسية وثقافية كبيرة (هيلد وزملاؤه(8 ))إن العالم الذي لا حد له ولا حدود، ساق الأفكار باتجاه ما عبَّر عنه غيـدنز (1999) بأننا اليـوم نعيـش جميعـاً في "عـالم واحـد" أو أن العـالم يميل حسـب تعبيـر روبرتسون (1992) باتجاه "عالم متلاحم وأجواء واحدة"(9 ). المتتبع يدرك بسهولة أن "عولمة الدين" تمثل أهم محاور تلك "الحلقات العالمية" المتبلورة والمستمرة في نموها (سيكل(10 )، 2000). فاكتساب الدين صفة وصبغة عالمية وصيرورته المحور في قاعدة "الحداثة المتطرفة" يعد "محصلة معكوسة للعولمة"(11 ) (غيدنز 1999 )، والمتمثل بـ "العودة إلى السنن الدينية"، في مقابل يعد المنهج السائد في العـالم أي مسيرة علمنة العالم (تهميش الدين). وكما يبدو فإن الدين لا يزال يمثل أهم عامل لوحدة الغرب، حتى في القرن الحادي والعشرين. إن تبلور صيغة الاتحاد الأوروبي ومشاركة العالم الغربي لأميركا في حرب الخليج الفارسي الثانية وكذلك عدم قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي عام 2002، والحرب في منطقة يوغسلافيا وحتى الشيشان تعود جذورها إلى عامل خفي لم يعلن عنه يسمى الدين الأوروبي أي المسيحيــة وكذلك ارتباطه بالأيديولوجية المشتركة للنظام الرأسمالي الغربي. إن هذا الديـن رغم تحوله إلى دين مدني وفقدانه كثيراً من آثاره الإجتماعية والسياسية لكن جزميي "النزعة