[ 21 ] قالت خديجة رضوان الله عليها: وكنت قد ألفت الوحدة، فكان إذا جنتني الليل غطيت رأسي وأسجفت (11) ستري وغلقت بابي وصليت وردي (12) وأطفات مصباحي وآويت إلى فراشي، فلما كانت في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي صلى الله عليه وآله فقرع الباب، فناديت: من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد صلى الله عليه وآله ؟ - قالت خديجة: - فنادى النبي صلى الله عليه وآله بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه إفتحي يا خديجة فإني محمد صلى الله عليه وآله. قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله، وفتحت الباب ودخل النبي صلى الله عليه وآله المنزل، وكان صلى الله عليه وآله إذا دخل المنزل دعا بالإناء، فتطهر للصلوة ثم يقوم، فيصلي ركعتين يوجز فيها ثم يأوي إلى فراشه. فلما كان في تلك الليلة، لم يدع بالإناء ولم يتأهب بالصلوة، غير أنه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه، وداعبني، ومازحني، وكان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها: فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء، ما تباعد عني النبي صلى الله عليه وآله حتى حسست بثقل فاطمة عليها السلام في بطني. أقول: إعتزال النبي صلى الله عليه وآله عن خديجة رضي الله عنها أربعين يوما كان للتأهب لتحية رب العالمين وتحفته، والمراد بها فاطمة صلوات الله عليها. كما أشير إلى ذلك في زيارتها و " صل " على البتول الطاهرة، إلى قوله: فاطمة بنت رسولك، وبضعة لحمه وصميم قلبه وفلذة كبده والتحية منك له والتحفة ". وفي هذا الإعتزال دليل على جلالة فاطمة سيدة النسوان بما لا يطيق ________________________________________ (1) أسجفت الستر: أرسلته. (12) اي صلوتي ودعائي. (*) ________________________________________