[ 184 ] والبائتة في الثرى ببقعتك [ ببقيعك ] المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي لفراقك لموضع التعزي ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي وتوليت أمرك بنفسي. نعم وفي كتاب الله أنعم القبول إنا لله وإنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم كمد (21) مقيح وهم مهيج، سرعان ما فرق الله بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك إبنتك بتظافر أمتك علي وعلى هضمها حقها فاستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول: * (ويحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين) *. سلام عليك يا رسول الله، سلام مودع لا سأم ولا قال فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن وأجمل، ولو لا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما والتلبث عنده معكوفا ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن بنتك سرا ويهتضم حقها قهرا ويمنع إرثها جهرا ولم يطل العهد ولم يخلق منك الذكر، وإلى [ فإلى ] الله يا رسول الله المشتكى وفيك أجمل العزاء صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته (22). ولقد أجاد من قال: ولأي الأمور تدفن سرا * بضعة المصطفى ويعفى ثراها فمضت وهي أعظم الناس شجوا * في فم الدهر غصة [ عضة ] من حواها وثوت لا ترى لها الناس * مثوى أي قدس يضمه مثواها ________________________________________ (21) كمد مقيح: أي مرض مع قيح، قيح الجرح صار ذا قيح. (22) أمالي الشيخ ج 1 ص 107. (*) ________________________________________