[ 424 ] متعنا الله بفوائد إحسانه وفوائد امتنانه، وصان أنفسنا في معاونة الاوصياء لنا على الاخلاص في النية وامحاظ النصيحة ومحافظة على ما هو أبقى وأرفع ذكرا. قال: فقمت من عنده وأقفلت حامدا لله عزوجل ما هداني وأرشدني، عالما بأن الله لم يكن ليعطل أرضه ولا ليخليها من حجة واضحة وإمام قائم، وألقيت هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخيا للزيادة في سائر أهل اليقين، وتعريفا لهم بما من الله عزوجل به من إنشاء الذروة الطيبة والتربة الزكية، وقصدت أداء الامانة، والتسليم لما استبان ليضاعف الله تعالى للملة الهادية والطريق المرضية قوة عزم وتأييد نية وشدة واعتقاد عصمة (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) (1). وهذا الحديث قد جلا عن الصدور وعرى الشكوك والريبة، ويكشف أستار الغيبة عن أسرار الرجوع والاوبة، ويمكن في قلوب المؤمنين أعمدة الثبات على الايمان والتصديق والبعد عن الزلة والحوبة، ولقد أمرضت مصيبة فقد والده (ع) قلوب أوليائه المؤمنين، وطبقتها غيوم عموم الغيبة عن الاعين لاختلال الدين، وتسليط الفاسقين والمضلين على أرباب الحق واليقين ولو لا ما ندبنا إليه من التأسي بهم والصبر على مضاضة هذه اللواذع الصادرة في هذه الايام، لبكينا بدل الدموع دما، وجعلنا العمر كله مأتما، فأي مصيبة أعظم من هذه المصيبة، وأي نائبة أعظم من هذه النائبة المنيبة، فلقد أحدثت فينا فتنا ليس منتهى لحدها وبلايا لا يأتي الحساب على عدها، ونسأل الله سبحانه الثبات على الايمان بأربابها، والكون في خدمة ناصريها وأصحابها، وأن يدير تلك الافلاك من سماوات العدل بإيثار نوائبها ولنختم هذا الكتاب ببعض الابيات التي حملنا الحزن والتأوه عليها والشرب من أوصابها ونعزي بها صاحب العزاء ________________________________________ (1) سورة البقرة، الآية: 213. (*) ________________________________________