[ 384 ] كانت الدولة الفاطمية أكبر دول العالم، قوة عسكرية وفكرية، في العصور الوسطى. تتمثل فيها وحدة المسلمين وسماحة الدين (1). وفيها أثبتت وحدة القاعدة القانونية في الأمة، بل وحدة الدين في المذاهب، اقتدارها على أن تجمع المسلمين في دولة واحدة، هي أعظم الدول حضارة في القارات المعروفة في ذلك الزمان، عاصمتها مصر - القاهرة، وجامعتها الأزهر. سعد فيها المسلمون والمسيحيون واليهود والذميون، حتى غزاها من الداخل انقسام شعوبها، وقيام إمارات شتى، وسفه الوزراء، وضعف الخلفاء. وأغرى غزو شعوبها أنفسهم في داخلها، بانقسامهم وتفككهم، الصليبيين، ليقوموا بالغزو الخارجي. وصدهم المسلمون مرات، حتى إذا ادلهم الخطب، استعانت الدولة الشيعية في مصر بالدولة السنية في دمشق وعلى رأسها السلطان نور الدين محمود (569). أستاذ صلاح الدين (589) ليثبت أهل مصر والشام أن الإسلام واحد وإن اختلف المذاهب. ولما وحد صلاح الدين إمارات المسلمين في بضع سنين من الموصل ________________________________________ (1) سبق الفاطميين بمصر (358 - 567) الإخشيديون. وكانوا ينشرون التسامح الدينى فيها. وقد خصص المقريزى فصلين للكنائس والأديرة وحسن التفاهم بين المسلمين والمسيحيين، وبخاصة في الدولة الفاطمية. ولم يعكر صفو هذا التفاهم إلا أيام الحاكم بأمر الله. ثم جاء الظاهر - (411 - 427) فالمستنصر (427 - 467) يعاقب قائده بالقتل لقيامه باضطهاد المسيحين. وكان أسقف الأشمونين ساويرس يجادل الفقهاء، المسلمين، في أمور الدين. وتولى الخليفة الآمر (من سنة 485 حتى سنة 525) وكان يزور الأديرة ويصادق الرهبان. ومن خواص كتابه (أبو نجاح) وهو مسيحي. وفي هذا الجو ظهر نوابغ المسيحين ابتداء من ساويرس بن المقفع (328) وهو مؤلف كتاب الرد على اليهود والمعتزلة. ورسالة عن التثليث. أخرى في الرد على النساطرة. وشرح الإنجيل وتاريخ المجامع الكنسية. وفي القرن السادس ظهر أولاد العسال الثلاثة: أبو الفرج والصفى وأبو اسحق. وظهر المكين جرجس المتوفى سنة 672. وقديما اصطنع عمر بن الخطاب الكتاب من سبى قيسارية. واستعمل أبو موسى الأشعري كاتبا نصرانيا. وكان بنو أمية يستعملون ابن أثال الطيب النصراني ويضعون عنه الجزية. (*) ________________________________________