[ 34 ] بيان للقسط وللعدل وعلى خلفيته شقت الدعوة طريقها في عهد البعثة وسط القبائل. وعلى هذه الخلفية إلتقى التشريع والحركة في خطوة واحدة. ولما كان التشريع الذي وراء إزدواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه بيان لإقامة المجتمع الصالح الذي تعتبر الأسرة نواته الأولى، ولأن هذا التشريع في حقيقته حجة على العباد ليتميز منهم الصالح والطالح، وعلى هذه الخلفية يكون الثواب والعقاب يوم القيامة، فإن الدين أمر زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأوامر ونهاهن بنواهي. وبين أن زوجية الأنبياء والرسل من حيث هي زوجية. ليس لها كرامة عند الله، وإنما الكرامة المقارنة لزوجية الأنبياء والرسل. هي المقارنة للايمان وللإحسان والتقوى. ولقد أخبر القرآن الكريم بسيرة إمرأة نوح وإمرأة لوط. وبين أنهما لم يلتزما بخط النبوة والدعوة، ونتيجة لذلك لم ينفعهما زوجيتهما للنبيين الكريمين شيئا " ففلكتا في ضمن الهالكين من غير أدنى تمييز وكرامة. وبالجملة: فالدعوة لم تستثنى أحدا " من التكاليف الشرعية. فكما أن حجة التكاليف تحيط بالأمة فهي أيضا " تحيط بأزواج النبي صلى الله عليه وآله لأنهن ضمن نسيج الأمة. ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربه جل وعلا. وبين عليه الصلاة والسلام طريق الأمن والامان فيما يستقبل الناس من فتن، والباحث المتعمق في أحاديث الأخبار بالغيب لا يسعه إلا أن يقر أن هذه الأحاديث حجة لله على عباده حتى قيام الساعة. وأن هذه الحجة المستمرة من دلائل النبوة الخاتمة. وكما حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأمة مما يستقبلها من مهلكات الفتن، حذر أمهات المؤمنين من الفتن وبين لهن أسباب النجاة منها، وأخبر أن الله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون بعد أن أقيمت عليهم الحجة في أنفسهم وعلى إمتداد المسيرة ________________________________________