[ 19 ] في السفينة (1) حين استقرت على الجودى ونضب الماء عن وجه الارض أمر (2) أن يهبط إليها هو ومن معه مباركا عليه وعليهم. وقال الله تعالى: " اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم " الآية (3) وقال تعالى: " وإن منها لما يهبط من خشية الله.. " الآية (4). وفى الاحاديث واللغة من هذا كثير. قالوا: ولا مانع - بل هو الواقع - أن الجنة أسكنها آدم كانت مرتفعة عن (5) سائر بقاع الارض، ذات أشجار وثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور، كما قال تعالى: " إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى ". أي لايذل باطنك بالجوع ولا ظاهرك بالعرى " وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى " أي لا يمس باطنك حر الظمأ ولا ظاهرك حر الشمس، ولهذا قرن بين هذا وهذا، وبين هذا وهذا، لما بينهما من الملاءمة. فلما كان منه ماكان من أكله من الشجرة التى نهى عنها، أهبط إلى أرض الشقاء والتعب والنصب والكدر والسعى والنكد، والابتلاء والاختبار والامتحان، واختلاف السكان دينا وأخلاقا وأعمالا، وقصودا وإرادات وأقوالا وأفعالا، كما قال تعالى: " ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين ". ولا يلزم من هذا أنهم كانوا في السماء كما قال: " وقلنا من بعده لبنى إسرائيل اسكنوا الارض، فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا " (6)، ومعلوم أنهم كانوا فيها ولم يكونوا في السماء. ________________________________________ (1) 1: السفن (2) ط: وأمر (3) الآية: 61 من سورة البقرة (4) الآية: 74 من سورة البقرة (5) ا: على (6) الآية: 104 من سورة الاسراء ________________________________________